الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أنَّ هؤلاءِ القَوْمَ لمَّا بطِروا النِّعْمة وعجَزوا عن صَبْرها أَضافوا إلى ذلك ظُلْم أَنفُسِهم بالكُفْر، من قوله تعالى: ﴿وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ﴾.
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: أنَّ هؤلاءِ القَوْمَ صاروا أَحاديثَ للناس من بعدِهم، وهذا نَوْع من الخِزْيِ والعارِ -والعِياذُ بالله تعالى- أن يَشتَهِر أَمْر الناس، أو أَمْر الإنسان حتى يَكون أُحدوثة لمَن بعدَه؛ ولهذا قال تعالى: ﴿فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ﴾.
الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: أن هؤلاءِ الذين أَنعَم الله عليهم بالاجتِماِع في قُراهم وقَبائِلهم مُزَّقوا كُلَّ مُمَزَّق، فشُرِّدوا في البِلاد وتَفرَّقوا؛ لقوله تعالى: ﴿وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ﴾.
الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: أن ما يَفعَله الله عَزَّ وَجَلَّ بالعُصاة والظالمين يَكون آيةً للمُعتَبِرين؛ سواءٌ كان ضرَّاءَ فيَصبِرون، أو سرَّاءَ فيَشكُرون؛ لقوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ﴾.
الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: فضيلة الصَّبْر والشُّكْر، فالصبر على الضرَّاء والشُّكْر على الرَّخاء، والإنسان دائِمًا مُصابٌ بهاتين الآفَتَيْن، إمَّا ضرَّاء وإمَّا سرَّاء، قال الله تعالى: ﴿وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً﴾ [الأنبياء: ٣٥].
والمُوفَّق مَن أَعطَى كلَّ حال ما يَجِب لها، ففي الضرَّاء يَجِب عليه الصَّبْر وانتِظار الفَرَج، وليَعلَم أن الله عَزَّ وَجَلَّ إذا قدَّر عليه الضرَّاء ليَصبِر فإن ذلك نِعْمة من الله تعالى عليه؛ لأنَّ الصبر كما نَعلَم درَجةٌ عالية، ومَنزِلةُ الصابِرين من أعلى ما يَكون من المَراتِب والمَنازِل، وهذه الدرَجةُ أو المَرتَبة أو المَنزِلة إذا لم يَكُن هناك شيء يُمتَحَن به العبدُ فإنه لن يَنالَها، لا بُدَّ من أذى ولا بُدَّ من مَصائِبَ يَصبِر عليها الإنسان حتى يَنال بذلك درَجة الصابِرين.