لأننا نَعلَم أن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالى محُيط بكلِّ شيءٍ عِلمًا أزَلًا وأبدًا، ومَن ظَنَّ أن الله تعالى لا يَعلَم الشيء إلا بعد وجودِه فقَدْ كفَرَ.
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: إثبات الآخِرة، ووُجوب الإيمان بها.
الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: أنَّ الشَّكَ فيما يَجِب فيه اليقين كُفْر؛ لقوله تعالى: ﴿مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ﴾، ولم يَقُلْ: إنَّه مُنكِر لها؛ لأنَّه قد تكون ظاهِر الحال أنه لمَّا قال: يُؤمِن بالآخِرة. كأن يقول: الذي يُقابِله يَكفُر بالآخِرة. لكن قال تعالى: ﴿مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ﴾؛ لنَستَفيد منه فائِدةً وهو أنَّ ما يُطلَب فيه اليقين يَكون الشكُّ فيه كالإنكار كفرًا.
الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: عُموم رِعاية الله تعالى ومُراقَبته لكلِّ شيء، تُؤخَذ من قوله تعالى: ﴿وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ﴾.
الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: أن رُبوبية الله تَنقَسِم إلى: خاصَّة وعامَّة، والخاصَّة إلى أَخص وإلى خاصَّة؛ لقوله تعالى: ﴿وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ﴾، فهذه الرُّبوبيةُ أخَصُّ من الخاصَّة، فإنَّ رُبوبية الله لخواصِّ عِباده كالأنبياء أخصُّ من ربوبيته لعُموم المُؤمنين، ورُبوبيته للمُؤمِنين أخصُّ من رُبوبيته لعامَّة النَّاس، كما في قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ [النمل: ٩١]، ولمَّا كانت الرُّبوبية خاصَّة هنا قد تُوهِم اختِصاص رُبوبيته بهذا البَلْدةِ بعد هذا قال تعالى: ﴿وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ﴾.
* * *


الصفحة التالية
Icon