قال العُلَماء رَحِمَهُم اللهُ: إنَّ شُروط الشَفاعة ثلاثة: رِضا الله عن الشافِع، ورِضاه عن المَشفوع له، والثالِث إِذْنه بالشفاعة.
وقوله تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ﴾ حتَّى هنا ابتِدائية وليست غائِيةً؛ لأنَّ (حتَّى) تَأتي للغاية، وتَأتي للابتِداء وتَأتي للتَعليل، ولها مَعانٍ مُتعددة مَنْ أَحَب الوقوف عليها فلْيَرجِع إلى كِتاب (مُغنِي اللبيب) لابن هِشام (١) -رَحِمَهُ اللهُ-، فإنَّه مُفيدٌ لطالِب العِلْم، يَقول تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ﴾ فيها قِراءتان ﴿فُزِّعَ﴾ و (فَزع) كما قال المُفَسر -رَحِمَهُ اللهُ-: [بِالْبِنَاء لِلْفَاعِلِ وَالمَفْعُولِ].
وقوله تعالى: ﴿عَنْ قُلُوبِهِمْ﴾ أي: عن قُلوب الخلْق، أو عن قُلوب المَلائِكة، فيها قَوْلان لأَهْل العِلْم، وسيَأتي -إن شاء الله تعالى- بيانُهما.
﴿فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ﴾ قال المُفَسِّر -رَحِمَهُ اللهُ-: [كُشِفَ عَنْهَا الْفَزَعُ بِالْإِذْنِ فِيهَا]، و (فَزَعَ) و (فزعَ) بمَعنى: أَزال الفزَع، وليس (فَزَع) بمعنَى: ألحق الفزَع، بل بمَعنى أزالَه، وهو فِعْل يُراد به السلْب؛ لأنَّ هناك أَفعالًا يُراد بها سَلْب المَعنَى؛ يَعني: ضِد هذا المَعنَى، ومنه قولهم: قرَّد البَعيرَ. أي: أَزال منه القُراد، وهو شيءٌ يَكون في جِلْد البَعير دابة أو حشَرة صغيرة تَعَضُّ البَعير فتَشرَب الدَّمَ منها، وهو مِثلُ القَمْل للإنسان، هو قَمْل الإبِل، يَعنِي: يَلصَق في الجِلْد، وهو إذا أمسَك الجِلْد ما يُطلِقه أبدًا إلَّا أن تمُسِكه وتَجرُّه جَرًّا.
وقوله عَز وجلَّ: ﴿فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ﴾ أو (فَزَّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ) يَعنِي: أَزال الفزَع عن قُلوبهم، قال المُفَسر -رَحِمَهُ اللهُ-: [بِالْإِذْنِ فِيهَا] أي: بالشَّفاعة، وعلى هذا فيَكون الضميرُ هنا عائِدًا على المَشفوع له، يَعنِي إذا لحِق المَشفوع له من الهمِّ والكَرْب والغَمِّ ما