كما قال الله تعالى: ﴿إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا (١٦٣) وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا (١٦٤) رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا﴾ [النساء: ١٦٣ - ١٦٥].
الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: أنَّ أكثَرَ النَّاس لا يَعلَمون الحِكْمة من إرسال الرسول - ﷺ -، ولا يَعلَمون أَنه رسول، أمَّا الأوَّلَ فواضِح: أنَّ أكثَرَ النَّاس لا يَعلَمون الحِكْمة من إرسال الرُّسُل، وأمَّا الثَّاني ففيه نظَر؛ لأنَّ الرسالة بلَغَتْ أكثَرَ النَّاس، وستَبلُغ النَّاس جميعاً حتَّى تَقوم عليهم الحجَّة.
الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: أنَّ الأكثَرية لا يَلزَم أن يَكون الصَّوابُ معها، لأنَّ أكثَرَ النَّاس لا يَعلَمون فهُمْ في جَهْل، إِذ إِنَ المُتمَسك بالأديان قَليل، والمُتمَسك بالأديان هو صاحِب العِلْم، وهو صاحِب اليقين.
الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ: إثباتُ الأَسباب، تُؤخَذ من قوله تعالى: ﴿إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ﴾ على المَعنَى الأَخير الثَّاني الذي هو (كافَة) بمَعنَى: مانِع؛ لأنَّ الرسول عليهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ سبَب، وليس بمُوجِب، فهو سبَب للهِداية، ولكن: ﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ﴾ [القصص: ٥٦].
الْفَائِدَةُ الثَّامِنَةُ: إثبات أفعال الله تعالى الاختِيارية، تُؤخَذ من قوله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ﴾؛ لأنَّ هذا فِعْل من الأفعال المُتعَلقة بمَشيئته -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-.
الْفَائِدَةُ التَّاسِعَةُ: إقامة الحجَّة على الخلْق؛ لقوله -عَزَّ وَجَلَّ-: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا﴾ فلَمْ يَبقَ لأَحَد حُجَّة على الله بعد الرُّسُل، وهل يُؤخَذ