مَصدَرية كما في قوله تعالى: ﴿وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ﴾ [القلم: ٩].
وقول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [يا مُحَمَّدُ] قمَرَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ الضميرَ على الرسول - ﷺ -، مع أنه يَحتَمِل أن يَكون المُراد به كلُّ مخُاطَب؛ يَعنِي: ولو ترَى أيُّها المُخاطَب حالَ هَؤلاء لرَأَيْت أمرًا فظيعًا.
وقوله تعالى: ﴿إِذِ الظَّالِمُونَ﴾: ﴿إِذِ﴾ بمَعنَى: (وَقْت) أو (حين) فهي ظَرْف زمان، و ﴿الظَّالِمُونَ﴾ مُبتَدَأ و ﴿مَوْقُوفُونَ﴾ خبَرُه، والمُراد بالظالمين هنا قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [الْكَافِرُونَ]، وإنما خصَّها بالكافِرين مع أنَّ الظُّلْم أَعمُّ بقرينة السِّياق، حيث قال الله عَزَّ وَجَلَّ في آخِرها: ﴿وَجَعَلْنَا الْأَغْلَالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [سبأ: ٣٣]، فكان المُراد بالظالمين هنا الكافِرين.
وهل كل ظالمٍ كافِر؟
الجوابُ: لا؛ ولهذا لمَّا قال الله تعالى: ﴿وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ قال العُلَماءُ رَحِمَهُم اللَّهُ: نَحمَد الله تعالى أَنْ لم يَقُل: والظالمِون هم الكافِرون.
وقوله تعالى: ﴿وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ﴾ أي: مَحبوسون، فمَعنى (وَقَفَه) أي: حبَسَه، ومِنه سُمِّيَ الوَقْف للمال الحَبيس الذي تُحبَس عَيْنه وتُسبَّل مَنْفَعته، فمَعنى ﴿مَوْقُوفُونَ﴾ أي: مَحبوسون عند الله عَزَ وَجَلَّ.
وقوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿عِنْدَ رَبِّهِمْ﴾ ولم يَقُلْ: عند الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؛ لأنَّ مِثل هذا الفِعْلِ العظيمِ الدالِّ على العظَمة يَتَناسَب مع الرُّبوبية، لكَمال رُبوبيته عَزَّ وَجَلَّ وكَمال مُلْكه وسُلْطانه، تَجِد هؤلاءِ الظلَمةَ الذين عندهم من العُتُوِّ والاستِكْبار والعِناد في الدنيا في أذَلُّ شيء أمام رُبوبية الله عَزَّ وَجَلَّ.