جِدًّا، والله عَزَّ وَجَلَّ يَعلَمه حتى الذَّرَّة التي تَدخُل في جُحْرها يَعلَمها الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى.
وقول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: ﴿وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا﴾ كَنبَاتٍ وَغَيرهِ] فالنَّباتُ واضِح؛ و [غَيره] كالماء والمعادِن والحيوانات التي تَنتَشِر في الأرض، ومن ذلك الإنسانُ؛ لقوله تعالى: ﴿مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى﴾ [طه: ٥٥] إِخْراج وإِدْخال، وقوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا (١٧) ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا﴾ [نوح: ١٧ - ١٨].
وقول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [﴿وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ﴾ مِنْ رِزْقٍ وَغَيرهِ] كيف يَنزِل من السماء الرِّزْق؟ هل تَبقَى في البيت كلَّ يَوْم وَيأتيك التَّمْر والثِّياب وَينزِل من السماء؟
الجوابُ: لا ولكن الرِّزْق يَكون بالمَطَر مثَلًا، يُنزِل الله سُبحَانَهُ وَتَعَالى المَطَر فتُنبِت الأرضُ؛ ويَخرُج منها الماء والمَرعَى، قال تعالى: ﴿مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ (٣٢)﴾ [عبس: ٣٢]، وغير ذلك أيضًا: يَنزِل أَمْرُ الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ﴾ [السجدة: ٥]، وتَنزِل أيضًا الملائِكة، وتَنزِل الشُّهُب تُرمَى بها الشياطينُ، وأشياءُ كثيرةٌ من هذا، الله عَزَّ وَجَلَّ يَعلَمها.
وقول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [﴿وَمَا يَعْرُجُ﴾ يَصْعَدُ ﴿وفِيهَا﴾ مِنْ عَمَلٍ وَغَيْره]؛ هنا (يعْرُج) بمَعنى يَصعَد و (يَعرُج) تُعدىَّ بـ (إلى) كما قال تعالى: ﴿تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ﴾ [المعارج: ٤]، وقال تعالى: ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ﴾ [السجدة: ٥]، وهنا قال: (يَعرُجُ فيها) والنَّحويُّون اختَلَفوا في مِثْل هذا؛ فمِنهم مَن قال: إنَّ الحرْف بمَعنًى يُناسب الفِعْل؛ يَعنِي: أَنْ يُجعَل حرفٌ بمَعنَى حرفٍ آخَرَ يُناسب الفِعْل؛ فمَثَلًا يَقول: (في) بمَعنَى (إلى)، ومنهم مَن يَقول: بلِ الحَرْف باقٍ على


الصفحة التالية
Icon