الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: إثبات القَوْل لله تعالى، من قوله تعالى: ﴿ثُمَّ يَقُولُ﴾ وهذا يَعنِي إثبات الكلام والقول لله عَزَّ وَجَلَّ، وهو مَذهَب أهل السُّنَّة والجماعة ومَذهَب الأشاعِرة ومَذهَب المُعتَزِلة، ولكنهم يَختَلِفون في تفسير هذا الكلامِ.
فالكلامُ عند أهل السُّنَّة والجماعة كلام حَقيقيٌّ بحُروف وأصواتٍ مَسموعة، وهو غير مخَلوق.
والكلام عند المُعتَزِلة كلام بحروف وأصوات مَسموعة؛ لكنَّه ليس من صِفات الله تعالى، فهو مخَلوق عندهم يَقولون: إن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالى يَخلُق كلامًا فيَنسُبه إليه على سبيل التَّشريف والتَّعظيم، كنِسبة البيت إليه ونِسبة المَساجِد إليه ونِسبة الناقة إليه ونِسبة الأرواح إليه وما أَشبَهَ ذلك.
والأشاعِرة يُثبِتون لله تعالى كلامًا، لكنهم يَقولون: إنه بغير حروف وبغير أَصوات مَسموعة؛ بل هو المَعنَى القائِم بنَفْسه، وهذا الذي يُسمَع هو الذي سمِعه مُوسى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وسمِعه محمَّدٌ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، ويَسمَعه الناس يوم القيامة هذه أَصوات يَخلُقها الله عَزَّ وَجَلَّ لتُعبِّر عمَّا في نَفْسه، وليسَتْ هي كلام الله تعالى، بل هي عِبارة عنه.
أمَّا أهل السُّنَّة والجماعة فيقولون: إنَّ كلام الله عَزَّ وَجَلَّ كلامٌ حَقيقيٌّ بحَرْف وصَوْت مَسموع، لكنَّ هذا الصوتَ لا يُشبِه أصواتَ المَخلوقين؛ لأنَّه من كلام الله تعالى وكلامه صِفة من صِفاته لا تُشبِه صِفاتِ المَخلوقين.
الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: تَقريع أُولَئك المُشرِكين وتَوْبيخهم بسُؤال مَن يَدَّعونهم آلهةً حتى يُظهِروا البَراءة منه؛ لقوله تعالى: {وَأَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ (٤٠) قَالُوا