والإشارة إلى عِلَّة الحكْم، وهو الظُّلْم للذين قالوا: نَقول لهم: ما استَفَدْنا أن سبَب قول الله تعالى لهم وتَوْبيخهم إيَّاهُم هو الظُّلْم.
وقوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ﴾: ﴿بَيِّنَاتٍ﴾ حال من آياتِنا؛ لأنه وَصْفٌ بعد مَعرِفة، والوَصْف بعد المَعرِفة إذا كان نَكِرة يَكون حالًا، وكذلك إذا كان جُمْلة، فالأَوْصاف بعد المَعارِف إذا كانَتْ نَكِرة أو جُمْلة تَكون حالًا، والأوصاف بعد المَعارِف إذا كانت مَعرِفة تَكون نَعْتًا، فالحال والنَّعْت كلاهما وَصْف، ولكن إن وافَق مَتبوعَه في التعريف والتَّنكير فهو نَعْت، وإلَّا فإن كان المَتبوع مَعرِفة والثاني نَكِرة أو جُملة فهو حال، وقوله تعالى: ﴿قَالُوا مَا هَذَا﴾ هو جوابُ الشَّرْط.
وقوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا﴾ أي: إذا تَقرَأ عليهم آياتِنا ولم يُبيِّن القارِئَ فيَشمَل أَنْ يكون القارِئُ النبيَّ - ﷺ - أو غيرَه، إذا تُتلَى عليهم آياتُ الله تعالى ﴿بَيِّنَاتٍ﴾ أي: ظاهِراتٍ فما ظُهورها هنا؟ هل ظُهورها بمَعنَى أنها واضِحة أنها كلام الله تعالى؛ لعَجْزهم عنها، أو بَيِّناتٍ فيما تَدُلُّ عليه من مَعاني سامِية لا يُمكِن أن يَأتيَ بمِثْلها البَشَر، أو الأمران؟
الجوابُ: يَشمَل هذا وهذا، فهي بيِّنة في ذاتها واضِحة أنها ليست من كلام البَشَر، وهي بيِّنة في مَوْضوعها وما تَدُلُّ عليه من أنَّها ليست من أحكام البَشَر؛ لأنها لا تَتَناقَض ولا يُكذِّب بَعضُها بعضًا، وهذا يَدُلُّ على أنها من عِند الله تعالى.
ولو كانت هذه الآياتُ خَفيَّةً لكان لهم شيء من العُذْر في رَدِّها، ولكنها آيات بيِّناتٌ، لا عُذْرَ لهم في رَدِّها.
ومع هذا يَقول الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿قَالُوا مَا هَذَا إِلَّا رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ﴾ يَقول المُفَسِّر رَحِمَهُ الله في تَفسيرها: [وَاضِحَاتٍ بِلِسَانِ نَبِينا مُحَمَّدٍ - ﷺ -] ﴿مَا هَذَا﴾