الجوابُ: هي صِفة كَمالٍ في الواقِع، حتَّى الرَّحمة في المخلُوق صِفة كمالٍ له، وعجبًا مِن هؤلاء الذِين يُنكرونها وَيقولون: إنَّ الرَّحمة تدلُّ على رِقَّةٍ ولينٍ ومَا أشبَه ذَلِك، ونَقول: الرِّقَّة واللِّين في مَوضعِها كمالٌ، والغِلظة والشدة في مَوضعِها كمالٌ، وفي ذَلِك يَقول المتنبيُّ:
وَوَضْعُ النَّدَى فِي مَوْضِعِ السَّيْفِ بِالْعُلَا | مُضِرٌّ كَوَضْعِ السَّيْفِ فِي مَوْضِعِ النَّدَى (١) |
(كَوَضْعِ السَّيْفِ فِي مَوْضِعِ النَّدَى)، وإنسان صاحِب خَيْر وإحسان ومُستَحِقٌ لأن يُكرَم، فجِيءَ به ووضَعْناه على نِطَع القَتْل؛ قلنا: سنَقتُلُك الآنَ؛ لأنك مُحسِن.
هل هذه حِكْمة؟ الجوابُ: ليست بحِكْمة.
فهذا البَيْت من أعظَمِ ما يَكون من أبيات الحِكْمة والمُتنَبِّي مَعروف بأنه حَكيم الشُّعَراء.
فنَقول: إن الرَّحْمة صِفة كَمال من حيثُ هي هي، فإذا أُضيفَت إلى الله عَزَّ وَجَلَّ صارت أَكمَلَ وأَكمَلَ.
* * *
(١) الألفية (ص: ٤٥).