فالجوابُ: نَنظُر في حال هؤلاءِ، إذا كانت تَصدُق على حال هؤلاءِ على الوَجْهين حمَلْناها، وقُلْنا: هؤلاءِ ما درَسوا كُتُبًا تَدُلُّ على كذِب محُمَّد عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، ولا أَنذَرَهم أحَدٌ منه، وكذلك هم لم يَكونوا عالمِين بالكُتُب السابِقة، ولم يُرسَل إليهم رَسولٌ.
إِذَنْ: حالهم قابِلة لهذين الوَجْهَيْن، يَعنِي: أن تَنزيلَها على الوجهين لا يَتَنافَى مع حال هؤلاءِ المُكذِّبين للرسول - ﷺ -، فالوَجْهان كِلاهُما يَصدُق عليهم، وإذا كان الوَجْهانِ كِلاهما يَصدُق عليهم، فلا مانِعَ من أن نَقول: إنَّ الآيةَ يُراد بها هذا وهذا؛ لأنَّ حال الذين كذَّبوا الرسول عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قابِلةٌ للوَجْهين جميعًا.
من فوائد الآية الكريمة:
على أن المَعنَى أن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لم يُعطِ قُرَيْشًا، بَلْ والعرَب جميعًا لم يُعطِهم كتُبًا، ولم يُرسِل إليهم رَسولًا:
الْفَائِدَة الأُولَى: بَيانُ مِنَّةِ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى العُظْمى على العرَب بما بعَث إليهم، وهو محُمَّدٌ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، ووَجهُ ذلك: أنهم كانوا أُمَّةً جاهِلةً، ليس عندهم كُتُبٌ تُدرَس، ولم يَأتِهم نَذيرٌ يُخبِرهم ويُعلِّمهم، فهُمْ أَشَدُّ الناسِ حاجةً إلى الرسول، وإذا اشتَدَّتِ الحاجة ثُم جاء ما يُزيل لك هذه الحاجةَ كان هذا أَعظَمَ منه، ففي الآية إِذَنْ: بَيان عظيم مِنَّة الله عَزَّ وَجَلَّ على العرَب، حيث بعَث فيهم هذا الرسولَ - ﷺ -.
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أن العرَب كانوا جاهِلين من أَجهَل الناس قبلَ بَعْثة الرسول - ﷺ -، تُؤخَذ من قوله تعالى: ﴿وَمَا آتَيْنَاهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ﴾؛ ولهذا قال الله عَزَّ وَجَلَّ: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ