الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى على تَكذيبهم، بل أَنكَر عليهم إنكارًا بالفِعْل، أَهلَكهم وأَبادَهم، وعلى هذا فيَكون الاستِفْهام في قوله تعالى: ﴿فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ﴾ للتَّعْظيم والتَّفْخيم، أي: فما أَعظَمَ إنْكارِي عليهم! لأنَّه إنكارٌ أدَّى بهم إلى الهلاكِ؛ ولهذا قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: أي: [أَنَّهُ وَاقِعٌ مَوْقِعَهُ].
من فوائد الآية الكريمة:
الْفَائِدَة الأُولَى: التَّحذيرُ لمُكذِّب الرسولِ - ﷺ -؟ وجهُه: أنَّ الله تعالى أَخبَر أنه كذَّب السابِقون مع أنهم أَشَدُّ قوَّةً وأكثَرُ أموالًا وأولادًا من هؤلاء المُكذِّبين للرسول عَليْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ.
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أنَّ مَن كذَّب الرُّسُل فقد حَقَّت عليه كلِمةُ العذاب؛ لقوله تعالى: ﴿فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ﴾.
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: شرَفُ الرُّسُل عليهم الصلاة والسلام؛ لأنَّ الله تعالى أَضاف رِسالَتَهم إليه، فقال سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿فَكَذَّبُوا رُسُلِي﴾ ومن المعلوم أنَّ مَرتَبة الرِّسالة أَعلَى مَراتِب البَشَر، فإن مَراتِب البَشَر أَرْبَعة: النُّبوَّة المُتضَمِّنة للرِّسالة، والصِّدِّيقيَّة، والشُّهَداء، والصالحِين، قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا﴾ [النساء: ٦٩].
فأَعلى المَراتِب النُّبوَّة، ثُم الصِّدِّيقيَّة، ثُم الشَّهادة، ثُم الصَّلاح.
خِلافًا للزَّنادِقة الذين يَقولون: إن الأَوْلياء أَفضَلُ من الأنبياءِ عَلَيْهِم السَّلَامُ، والأنبياء عَلَيْهِم السَّلَامُ أَفضَلُ من الرُّسُل.