الآية (٤٨)
* * *
* قالَ الله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ﴾ [سبأ: ٤٨].
* * *
وقول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [﴿قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ﴾ يُلْقِيهِ إِلَى أَنْبِيَائِهِ ﴿عَلَّامُ الْغُيُوبِ﴾ مَا غَابَ عَنْ خَلْقِهِ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ].
قوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ﴾ هذه جُمْلة خبَرَّية مُؤكَّدة بـ (إِنَّ) واسمِ (إِنَّ) ﴿رَبِّي﴾ وخَبَرُها جُملةُ ﴿يَقْذِفُ﴾، و ﴿عَلَّامُ الْغُيُوبِ﴾ خبَرٌ ثانٍ؛ يَعنِي: هو أيضًا علَّام الغُيوب.
وقوله تعالى: ﴿يَقْذِفُ﴾ القَذْف هو الرَّميُ بقُوَّة.
وقوله تعالى: ﴿بِالْحَقِّ﴾ أي: بالقَوْل الحقِّ، وهو الوحيُ الذي أَنزَله الله تعالى على أنبيائِه، وظاهِرُ كلام المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: أنَّ القَذْف هنا لازِم لا يَتعَدَّى الأنبياءَ عَلَيْهِم السَّلَامُ، وأنَ المُراد به الوحيُ المُنزَّل على الرُّسُل، ولكنَّ قولَ المُفَسِّر فيه نظَرٌ، والصوابُ: أنَّ هذه الآية تُفسِّرها الآية الثانية، وهي قوله تعالى: ﴿بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ﴾ [الأنبياء: ١٨]، وأنَّ مَعنَى الآية ﴿قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ﴾ على الباطِل، وهو إشارة إلى أن حَقَّه سوف يَمحو باطِلَه وُيزهِقه ويُهلِكه، بدليل قوله فيما بعدُ: ﴿قُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ﴾ [سبا: ٤٩].
وقوله تعالى: ﴿عَلَّامُ﴾ بصيغة المُبالَغة؛ لأنَّ الغُيوب كثيرة، فناسَب أن يُضاف