فهو الجَوْر والظُّلْم، وكلُّ ما خالَف حُكْم الله تعالى فهو جَوْر وظُلْم، وإن زعَم أهله أنهم عادِلون فيه فهُمْ كاذِبون.
فالقَوانينُ الوَضْعية المُخالِفة لشريعة الله تعالى نَقول: إنها باطِل. ونَقول: إنها ظُلْم وجَوْر.
وأمَّا ما وافَقَ الشَّرْع فإنه وإن سُمِّيَ قانونًا أو نِظامًا فهو شَرْع، يَعنِي: لو أن أحَدًا صنَع مَوادَّ مُعينة في الحُكْم، لكنها مَأخوذة من الكِتاب والسُّنَّة لا نَقول: إن هذه قوانينُ وَضْعيَّة أو نُظُم وَضْعيَّة. بل نَقول: هي أَحكام شَرْعية، لكنها رُتِّبت على موادَّ، كما إنَّ الفقهاء رَحِمَهُم اللهُ رتَّبوا الفِقْه على أبواب، فالخِلاف في كيفية العَرْض وإلَّا فهو حَقٌّ.
أمَّا أن نُقنِّن الشريعة بأن نُدخِل عليها أحكامًا تُخالِف أَحكامَها فهذا كُفْر، ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾ [المائدة: ٤٤]، فأمَّا تَقنينها بمَعنَى: تَبويبها وجَعْلها مَوادَّ مُعينة فهذا لا بَأسَ به، بشَرْط ألَّا يَكون الحُكْم لازِمًا بهذه المَوادِّ، لأنَّ إلزامَ القُضاة مثَلًا أو الحُكَّام بأن يَحكُموا بهذه المَوادِّ مَعناه أنهم يُلزَمون بأن يَحكُموا بما يَعتَقِدون أنَّ الحقَّ في خِلافه؛ لأنَّ الناس يَختَلِفون في مِثْل هذه، فقد تَرَى اللِّجَان مثلًا أنَّ الحُكْم في هذا هو كذا وكذا، وَيرَى القاضِي أن الحُكْم خلاف ذلك، فوَضْعها على أنها مُوضِّحة أو كاشِفة أو دالَّة، هذا لا بأسَ به بلا شِكٍّ، ولكن وَضْعها على أنها مُلزِمة هذا لا يَجوز لأنَّ الناس يَختَلِفون في الاجتهاد.


الصفحة التالية
Icon