أو اثنين أو ثلاثة حسبَ ما يَقتَضيه المَقال؛ ولأَهَمِّية هذا المَوْضوعِ أَمَرَ الله نَبيَّه محُمَّدا - ﷺ - أن يُقسِم عليه.
فإن قُلتَ: ما فائِدةُ القَسَم أمام مَن يُنكِر، لأنَّ مَن أَنكَركَ بدون قَسَم أنكَرَكَ مع القَسَم؟
فالجَوابُ: من وَجْهين:
الوجهُ الأَوَّلُ: أن هذا هو مُقتَضى القَسان العَرَبيِّ، أن الأَخْبار تُؤكَّد بأنواع المُؤكِّدات.
الوجهُ الثاني: أن التَّأكيد يَدُلُّ على أن المُتكلِّم جازِم بهذا المُقسَم عليه جَزْمَه بما أَقسَم به؛ فكما أننا جازِمون بالله بوُجوده وكَماله، فنحن جازِمون أيضًا بما أَقسَم عليه وهو: إتيان الساعة.
وقول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [﴿عَالِمِ الْغَيْبِ﴾ بِالجْرَّ صِفَةٌ، وَالرَّفْعِ خَبَرُ مُبْتَدَإٍ، وَفِي قِرَاءَةٍ: (عَلَّامِ) بِالجْرِّ] ففيها إِذَن: ثلاثُ قِراءات: ﴿عَالِمِ﴾ مَرفوعة ومجَرورة، و (علاّم) مجَرورة فَقَطْ.
وقوله تعالى: ﴿عَالِمِ الْغَيْبِ﴾ مُناسَبةُ ذِكر هذه الصِّفةِ لإثبات القِيامة ظاهِر؛ لأنَّ قيام الساعة مِن عِلْم الغَيْب، والذي أَخبَر به هو (علاّم الغَيْب)، فإذا صدَر هذا الخَبرُ من عالم الغَيْب وجَبَ علينا قَبولُه؛ ولهذا الخبرُ عن المُستَقبَل إذا صدَر من جاهِل لا يَدرِي فإننا نَرفُضه، وإذا صدَر من عالم فإننا نَقبَلُه.
وعِلْم الله تعالى الغَيْبَ أَمْرٌ معلوم حتى عند الكُفار، فإنَ الله سُبحَانَهُ وَتَعَالى يُخبِر بأشياءَ ثُم تَقَع ويُشاهِدونها، وهذا شيء لا يَمتَرون فيه؛ فلهذا وَصَفَ الله تعالى نَفْسَه


الصفحة التالية
Icon