ثانيًا: أن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ليس كمِثْله شيءٌ، يَعنِي: لو فُرِض أن بَيْن القُرْب والعُلُوِّ تَناقُضًا في حقِّ المَخلوق فإن ذلك لا يَلزَم في حَقِّ الخالِق؛ لأنَّ الله عَزَّ وَجَلَّ ليس كمِثْله شيء.
ولهذا نَقول: إنَّ الله تعالى يَنزِل إلى السماء الدُّنيا كلَّ ليلة، وهو مع ذلك مُستَوٍ على عَرْشه، لا تَقل: هذا محُال، تَقول: هذا محُال بالنِّسبة للمَخلوق. أمَّا بالنِّسبة للخالِق فيَجِب أن نُؤمِن بما أُخبِرنا به عن صِفاته وهو الاستِواء على العَرْش ونُزوله إلى السماء الدُّنيا، ونَقول: إنَّ هذا مُمكِن في حقِّ الخالِق.
ثالثًا: ممَّا نَجمَع فيه بين القُرْب والعُلُوِّ أنه قد يَكون الشيءُ عاليًا وهو قريب -حتى من المَخلوقات- مِثل القَمَر، فهو عالٍ لكنه قريب كأنه معَك، كأنه في المكان الذي أَنت فيه وَضوؤُه واصِلٌ إلى الأرض وهو في السماء، قال الشاعِر (١):
دَانٍ عَلَى أَيْدِي الْعُفَاةِ وَشَاسِعٍ | عَنْ كُلِّ نِدٍّ فِي النَّدَى وَضَرِيبِ |
كَالْبَدْرِ أَفْرَطَ فِي الْعُلُوِّ وَضْوْؤُهُ | لِلْعُصْبَةِ السَّارِينَ جِدُّ قَرْيبِ |