- والعِياذُ بالله تعالى- أمرًا عظيمًا، ولهذا يَقولون إذا خرَجوا من قُبورهم: -ayah text-primary">﴿قَالُوا يَاوَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا﴾، -ayah text-primary">﴿يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَالَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا (٤٠)﴾ [النبأ: ٤٠].
فهُمْ يُؤخَذون من قَريب من حِين ما يَخرُجون من القُبور يُكشَف لهم عن أَمْر أَعظَمَ ممَّا كانوا يُشاهِدونه في القُبور، وإلَّا فإنهم يُعذَّبون في قُبورهم، على القول الراجِح، قال المُفَسّر -رحمه الله -: ﴿وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ﴾ أي: الْقُبُور].
من فوائد الآية الكريمة:
الْفَائِدَة الأُولَى: إشارةٌ إلى عظيم ما سيَقَع بهؤلاء عند الموت أو يوم القِيامة، مَأخوذ من قوله تعالى: ﴿وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا﴾ حيث حَذَف جَوابَ الشرط؛ لأنَّ ذلك أَعظَمُ في التَّهويل والتفخيم، حتى يَذهب الذِّهْن كلَّ مَذهب في تَقدير ما يُمكِن أن يَكون جوابًا.
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أنَّ المُكذّبين لله - عز وجل - ولرُسُله - عليه السلام - لا يَفُوتون الله تعالى، ولا يُعجِزونه، لقوله تعالى: ﴿فَلَا فَوْتَ﴾.
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: بيان ما يَقَع بهؤلاء عند مُعايَنة العَذاب من الفزَع الشديد الذي لا يَنفَعُهم، ولا يَستَفيدون منه؛ لقوله تعالى: ﴿وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا﴾.
الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: أنهم يُؤخَذون بالعذاب من مَكان قريب، لا من مكان بَعيد؛ لأنَّ مَن قَدَر على الهرَب رُبَّما لا نَصل إليه لأَخْذه بالعُقوبة إلَّا من مكان بعيد، ولو أن لِصًّا ضبَطْناه بجَرِيمته فهرَب، فإذا هرَب فإنه لن يُؤخَذ بالعُقوبة إلَّا من مَكان بعيد، أمَّا هؤلاء فيُؤخَذون من مَكان قريب، لأنهم لا فوتَ لهم.


الصفحة التالية
Icon