الآية (٥٤)
* * *
* قالَ الله - عز وجل -: ﴿وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ﴾ [سبأ: ٥٤].
* * *
قول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [﴿وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ﴾ مِنَ الْإِيمَانِ].
قوله - سبحانه وتعالى -: ﴿وَحِيلَ﴾ فِعل ماضٍ مَبنيٌّ للمَجهول، ونائِب الفاعِل هو الظَّرف، وَينوب الظَّرْف مَناب الفاعِل كما ذكَرَه ابنُ مالك رَحِمَهُ اللَّهُ في ألفيَّته (١):
وَلَا يَنُوبُ بعْضُ هذِي، إِنْ وُجِدْ | فِي اللَّفْظِ مَفْعُولٌ بِهِ، وَقَد يَرِدْ |
وقوله - سبحانه وتعالى -: ﴿وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ﴾ فما الذي يَشتَهُونه؟ الذي يَشتَهونه هو النَّجاة من العذاب الذي حلَّ بهم، ولكن هذه النَّجاةَ إنما تكون لو قُبِل الإيمان منهم، والإيمان منهم غير مَقبولٍ في هذه الحالِ؛ فلهذا لم يَتَمكَّنوا ممَّا يُريدون.
والمُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ يَقول: [﴿وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ﴾ مِنَ الْإِيمَانِ، أَيْ: قَبُولِهِ]، ولكن هم في الحقيقة يَشتَهون شيئا قبل قَبول الإيمان، وهو النَّجاة من العذاب، وهذا فَرْع عن قَبول الإيمان، وقَبول الإيمان غير مُمكِن؛ لأنه فات مَحَلُّه.
(١) الألفية (ص: ٢٦).