٤ - مَقطوعة عن الإضافة لَفْظًا، ولكنها مَعنًى مُضافةً.
وقوله - عز وجل -: ﴿كَمَا فُعِلَ﴾، و (ما) مصدرية يَعنِي: كالمفعول بأَشياعهم من قَبلُ، (ما) مَصدَرية، أي: كفِعلنا، أو كالمَفعول بأَشياعهم ﴿مِنْ قَبْلُ﴾.
وقوله - سبحانه وتعالى -: ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ﴾ الجُمْلة هذه تَعليل لما قَبلَها فصِلَتها بما قَبلَها أنها تَعليل، أي: إنَّ هؤلاء الذين لم يَنجُوا من النار أو من العذاب كانوا في الدنيا في شكٍّ، والشكُّ هو: التَّردُّد بين الإثبات والنَّفيِ، والإيمان يَجِب أن يَكون جازِمًا لا شكَّ فيه؛ ولهذا من شَكَّ فيما يَجِب الإيمان به لم يَكُن مُؤمِنًا.
وقول المُفَسّر -رحمه الله -: [﴿مُرِيبٍ﴾ أي: مُوقِعٍ فِي الرِّيبَةِ لهم فِيمَا آمَنُوا بِهِ الآنَ، وَلَم يَعتَدُّوا بِدَلَائِلِهِ فِي الدُنْيَا]، يَعنِي: أنهم في الدُّنيا غفَلوا عن دَلائِل الإيمان، ولم يَتَفكَّروا بها، بل أَنكَروها إمَّا مُكابَرةً، وإمَّا شَكًّا وتَردُّدا، فلم يَنفَعْهم.
والحاصِلُ: أنَّ هذه الآياتِ كلَّها فيها إنذارُ هؤلاءِ المُكذِّبين للرسول - سبحانه وتعالى -، وتَذكيرُهم بهذه الأحوالِ التي ستكون وارِدة عليهم عند الموت وفي الآخِرة.
من فوائد الآية الكريمة:
الْفَائِدَة الأُولَى: أنَّ الكُفَّار إذا عايَنوا العذاب يَشتَهون، بل يَتَمَنَّوْن أن يُرَدُّوا إلى الدنيا، يَقولون: ﴿يَالَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الأنعام: ٢٧]، ولكن هذا الذي يَشتَهونه وَيتَمَنَّونه لا يَنفَعُهم، قال الله تعالى: ﴿وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ﴾، والنُّكتة في عدَم بَيان الفاعِل -فلم يَقُل: وحال الله تعالى بينهم. ولا قال: وحال الكُفْر-.
النُّكْتة في هذا لأَجْل أن يَكون الحائِل صالِحًا لأَنْ تُقدِّره لكُلّ ما يُناِسب


الصفحة التالية
Icon