الْفَائِدَةُ الحَادِيَةَ عَشْرَةَ: أنَ هذا الكِتابَ مُبِين؛ أي: مُفضل لكل شيء؛ كما قال الله تَبَارَكَ وَتَعَالى: ﴿مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ﴾ [الأنعام: ٣٨]، ففي هذا اللَّوحِ المَحفوظِ كل ما يَكون إلى يوم القِيامة، كما جاءَت بذلك السُّنة مُوضحةَ هذا.
الفائِدةُ الثَّانِيَةُ عَشْرَةَ: إباحة القَسَم؛ بل وُجوبه إذا دعَتِ الحاجة إليه، نَأخُذه من أَمر الله نَبيَّه أنَّ يُقسِم على قِيام الساعة: ﴿قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ﴾؛ ولهذا نَجِد بعض الأئِمَّة رَحمهم اللهُ إذا ذكَروا حُكْم مَسأَلة من المَسائِلِ أحيانًا يُقسِمون عليها، وهذا يُوجَد في كلام الإمامِ أحمدَ (١) رَحِمَهُ اللَّهُ، ورُبَّما في كلام غَيْره، لكن لم نَطَّلِع عليه، لأنه أحيانًا يُسأل هل تَقول بكذا وكذا؟ فتقول: إِيْ والله. فيقسِم على الشيء تَثْبيتَا له وتَأييدًا، وإيحاءً بطُمَأنينته إليه بالنِّسْبة للمُخاطَب.
وعلى هذا فيَجوز للمُفتِي أن يَحلِف على الحُكْم إذا دعَتِ الحاجة إلى ذلك، بل قد يَكون ذلك واجِبًا حَسْبما تَقتَضيه الحالُ.
الفائِدةُ الثَّالِثَةُ عَشْرَةَ: قوله تعالى: ﴿قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ﴾ وهل يُستَفاد من هذه الآيةِ الكريمةِ أنَّ الخِطاب الخاصَّ بالرسول - ﷺ - يَشمَله هو والأُمَّةَ؟
الجوابُ: ليس فيها دَلالة ظاهِرة على هذا، ولكنه سبَق لنا: أن الخِطاب المُوجَّه إلى الرسول - ﷺ - يَنقَسِم إلى ثلاثة أقسامِ:
القِسْم الأَوَّل: فيه الدَّلالة الصريحة على أن المُراد به الأُمَّة؛ يَعيي: مع الرسول - ﷺ -.