لكنِّي أَقولُ: إن الإيمان إذا كان صادِقًا فلا بُدَّ أن يَكون العمَل الصالِح؛ لقول النبيِّ - ﷺ -: "أَلا وَإِنَّ فِي الجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ" (١).
الفائِدةُ الخَامِسَةُ: أنَّ العمَل ليس مَقبولًا ولا مَحمودًا ولا مُثابًا عليه حتى يَكون صالِحا؛ لقوله تعالى: ﴿وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾، ومَتَى يَكون صالِحًا؟
الجوابُ: إذا جمَعَ شَرْطَيْن: الأول: الإخلاص لله سُبحَانَهُ وَتَعَالى، والثاني: المُتابَعة لرسول الله - ﷺ -، فإِنْ فَقَد الإخلاص فليس بصالِح، وهو مَردودٌ على فاعِله، قال الله سُبحَانَهُ وَتَعَالى: "أنا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غيرِي تركته وشِركَهُ" (٢)، وإِن فقد المتابَعة؛ فهو أيضًا مَردود عيرُ مَقبول؛ لقول النبىِّ - ﷺ -: "مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ" (٣).
ولا تَتَحَقَّق المُتابَعة إلا بشروط سِتَّة: أن يَكون العمَلُ مُوافِقًا للشَّرْع في: سببه، وجِنْسه، وقَدْره، وكَيْفيَّته، وزمانه ومَكانه.
فلو أَحدَث الإنسان عِبادة لسبَبِ غير شَرْعِيٍّ فهي مَردودة، فلو قال: كُلَّما سمِعْتُ نُباح الكِلاب صَلَّيْت ركعتين! فلا تُجزِئ ولا تُقبَل منه؛ لأنه علَّقها بسبَب لم يَكُن مَشروعًا ولم تكن مَشروعة من أَجْله فلا تُقبَل.
ولو أن أحَدًا من الناس ضَحَّى بفَرَس وهي أُنثَى الخَيْل قال: عِنْدي شاة تُساوِي
(٢) أخرجه مسلم: كتاب الزهد، باب من أشرك في عمله غير الله، رقم (٢٩٨٥)، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنها -.
(٣) أخرجه مسلم: كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة، ورد محدثات الأمور (١٧١٨)، من حديث عائشة - رضي الله عنها -.