الآية (٥)
* * *
* قالَ الله عزَّ وَجلَّ: ﴿وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ﴾ [سبأ: ٥].
* * *
قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [﴿سَعَوْا﴾ فِي إِبْطَالِ ﴿آيَاتِنَا﴾ الْقُرْآنِ]، فجعَل في الآية مَحذوفًا تَقديرُه: في إِبْطالها، ومَعنَى (سَعَوْا) أي: مَشَوْا بشِدَّة، هذا في الأصل، ومنه السَّعيُ أيِ: الرَّكْض، فالمُراد أنَّ هؤلاءِ يُسابِقون وَيتَسارَعون إلى إبطال آيات الله سُبحَانَهُ وَتَعَالى، وإِبْطالها بالنِّسْبة لهم أن لا يَقوموا بها، وإِبْطالهُا بالنِّسْبة لغيرهم أن يَصُدُّوا الناس عن دِين الله تعالى، قال الله سُبحَانَهُ وَتَعَالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ [الحج: ٢٥] فهَؤلاءِ سَعَوْا غاية السعيِ في آيات الله لإِبْطالها وإِخْفاقِها.
وقوله سُبحَانَهُ وَتَعَالى: ﴿سَعَوْا فِي آيَاتِنَا﴾ لم يُبيِّن بماذا سَعَوْا؛ لأنَّ هؤلاءِ يَسعَوْن في إبطال آيات الله تعالى أَحْيانًا بالصِّراع المُسلَّح، يَعنِي: يُهاجِمون الدِّيار ويُقاتِلونهم حتى يَردُّوهم عن دِينهم، وأحيانًا بالسِّلاح الفِكْري، فيَبُثُّون فيهم الشُّبُهاتِ؛ في دِينهم، في نَبيِّهم، في ربِّهم؛ ما استَطاعوا إلى ذلك سبِيلاً، وأحيانًا يَسعَوْن في ذلك بالشَّهَواتِ؛ فيَبُثُّون في الناس حُبَّ اللهو والشَّهْوة.
ومن هذا ما تبُثُّه وسائِلُ الإعلام الخبيثة في الدُّوَل الكافِرة ومَن تَشبَّهَت بها،