فقَطْ، يُحتَمَل أنك تُريد أن تُخبِر بأنَّ (زَيدٌ فاضِلٌ) ويُحتَمَل أنك تُريد أن تَصِف زيدًا بأنه فاضِل، والخبَرُ لم يَأتِ، فإذا قُلْت: "زيدٌ هو الفاضِلُ" تَعيَّن أن تَكون الفاضِلُ خبرًا.
وأمَّا كونُه مُؤكّدًا أيضًا؛ لأنك إذا قُلتَ: زيدٌ الفاضلُ، وزيدٌ هو الفاضلُ. هَذه أَوْكَدُ بلا شَكٍّ، كذلك أيضًا مُفيدٌ للحَصْر: فإذا قُلتَ: زيدٌ هو الفاضِل؛ مَعناه: لا غَيره. فضَمير الفَصْل إِذَنْ يُفيد ثلاث فوائِدَ: الحصْرُ، والتَّوكيد، والفَصْل بين الخَبَر والصِّفَة.
وقوله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿هُوَ الْحَقَّ﴾ بمَعنَى: الشيء الثابِت، فقَولُك: أُحِقُّ الشيء. أَيْ: أُثبِتُه، ومِثاله أيضًا قوله تعالى: ﴿حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ﴾ [يونس: ٩٦] أي: ثبَتَت ووَجَبَت، فما هو الثُّبوت في القُرآن؟
الصِّدْق في الأخبار والعَدْل في الأَحْكام، فالحقُّ إذا أُضيف إلى الحُكْم فمَعناه: العَدْل، أي: أنَّه حُكْم عادِل؛ ولهذا لو تَنازَع خَصْمان عند القاضي وحَكَم لأحدهما بما تَقتَضيه الشريعةُ قُلْنا: هذا حقٌّ؛ لأَنَّه عدَلَ، ولو حَكَم للثاني بخِلافه قلنا: هذا ليس بحَقٍّ هذا باطِل؛ لأنه حَكَم بغير الحقِّ، فالحَقُّ في الأحكام هو العَدْل، وفي الأَخْبار هو الصِّدْق، فالذين آتاهمُ الله تعالى العِلْم يَعلَمون أنَّ هذا القُرآنَ حَقٌّ في أَحْكامه وحَقٌّ في أخباره، فأَحكامه كلها عَدْل؛ لأنها وَضَعَتِ الشيء في نِصابه وجعَلَتِ الحَقَّ لمُستَحِقَّيه، وأخبارُه أيضًا ثابِتة حَقٌّ، يَعنِي: ثابِتة ما فيها كذِبٌ، فإذا قُلْت: هذا خبرٌ حَقٌّ. أي: صِدْقٌ، هذا حُكْمٌ حقٌّ، أي: عَدْلٌ.
ولهذا قال الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا﴾ [الأنعام: ١١٥]، وقال العُلَماءُ رَحَمَهُم اللهُ: صِدْقًا في الأخبار؛ وعَدْلًا في الأحكام.