من فوائد الآية الكريمة:
الفائِدةُ الأُوْلَى: فَضيلة العِلْم؛ ووجهُه: أنَّ العالِم يَعرِف الحقائِقَ على ما هي عليه، فيَرَى أنَّ الذي أُنزِل على الرسول - ﷺ - هو الحقُّ، وهذا لا شَكَّ أنه من فضائِل العِلْم، عَكس الذي يَترَدَّد في كونه حَقًّا، أو يُمكِن أن يَكون حَقًّا -والعِياذُ بالله تعالى- فالَّذين مَنَّ الله تعالى عليهم بالعِلْم يَرَوْن أنه الحقُّ.
الفائِدةُ الثَّانِيَةُ: الإشارة إلى أنه لا يَنبَغي للإنسان أن يُعجَب بعِلْمه؛ لقوله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿أُوتُوا الْعِلْمَ﴾ يَعنِي: ما أَدركوهُ بأَنفُسهم، ولكن الله تعالى مَنَّ عليهم به، فلا تَقُلْ: هذا من عِندي. ومِثْله المالُ أيضًا، بعض الناس يُعجَب إذا حصَّل مالًا؛ والذي أَعطاه المال هو الله، وماذا صنَعَ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالى بالذي قال: ﴿إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي﴾ [القصص: ٧٨]؟ خَسَف به الأرض.
فنَأخُذ مِن قوله تعالى: ﴿أُوتُوا الْعِلْمَ﴾ أنه لا يَنبَغي للإنسان أن يُعجَب بنَفْسه ويَقول: العِلْم حصَّلْتُه أنا بفهمي وحِرْصي ومُثابَرتي.
الفائِدةُ الثَّالِثَةُ: يَنبَغي للإنسان أن يَلجَأ إلى الله تعالى في تَحصيل العِلْم، نَأخُذها من قوله: ﴿أُوتُوا الْعِلْمَ﴾ فإذا كُنَّا نُؤْتَى العِلْم؛ فلْنَسأَلْ هذا العِلْم ممَّن يُؤتِينا إيَّاه.
الفائِدةُ الرَّابِعَةُ: أنَّ القرآن كلام الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؛ لقوله تعالى: ﴿أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ﴾ فما وجهه؛ لأنه ليس كل نازِل كلامًا، فقَدْ يَذكُر الله تعالى الإنْزال للشيء وليس بكلام؟
الجوابُ: أن ما نَزَل من الله تعالى إمَّا أن يَكون قائِمًا بذاته أو قائِمًا بغيره، والقائِم بذاته مخَلوق؛ كالمطَر ونحوه، أمَّا القُرآن فهو قائِم بغيره؛ لأنه كلامٌ فلا يُمكِن إلَّا مِن مُتكلِّم فيَكون كلام الله غيرَ مخَلوق، وإلَّا هناك أَشياءُ يُنزِلها الله تعالى وَيقول: أَنزَلناها.


الصفحة التالية
Icon