التَّفسيرية هي التي سبَقَها مَعنَى القَوْل دون حُروفه.
وهذا أقرَبُ من تَقدير المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ، (وأَنِ اعْمَلْ) أي: وأَوْحَيْنا إليه أنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ.
واعْمَلْ بمَعنَى: اصْنَعْ، قال رَحِمَهُ الله: [مِنْهُ] أيْ: مِنَ الحَديد ﴿سَابِغَاتٍ﴾ فسرَها المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [دُرُوعًا كَوَامِلَ يجرُّهَا لَابِسُهَا عَلَى الْأَرْضِ]، وأَفادَنا بقَولِه: دُروعًا. أَفادَنا بأنَّ ﴿سَابِغَاتٍ﴾ صِفة لمَوصوفٍ مَحذوفٍ، وهذا المَحذوفُ تَقديرُه: دُروعًا، وحَذْفُ المَوْصوفِ جائزٌ، قال ابنُ مالِك رَحِمَهُ الله (١):

وَمَا مِنَ المَنْعُوتِ وَالنَّعْتِ عُقِلْ يَجُوزُ حَذْفُهُ وَفي النَّعْتِ يَقِلّ
والسابغُ من كُل شَيْء هو الكامِل الضافي التَّامُّ، ومنه قوله تعالى: ﴿وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً﴾ [لقمان: ٢٠]، أَيْ: أَتمَها وأَكمَلها، ومنه: إِسْباغُ الوضوء أي: إِتمْامه وإِكْماله.
فهذه الدُّروعُ السابِغاتُ؛ يَعنِي: الوافِيات الكوامِل التي تمَنَع لابِسَها مِن أن يَنالَه أَذًى، وأمَّا قول المُفَسِّر رَحِمَهُ الله: [يجرُّها لابِسُها على الأَرْض] ففي هذا نظَرٌ؛ لأنه ليس هناك حاجة إلى أن يجرَّها على الأرض؛ ولأَنَّها إذا بلَغَتْ إلى هذا المُستَوى فرُبَّما تُعيق من الكَرِّ والفَرِّ، والمَعروف أن الدُّروع تَصِل إلى الرُّكْبة فقَطْ، هذا غايَتُها؛ لأنها حَديد، وإذا لبِسَ الإِنْسان حَديدًا يَصِل إلى الأرض فإنه سيَكون مُكبَّلًا بالأَغْلال، فالواجِب أن نَقول: "سابِغاتٍ أَيْ: كامِلات، ليس فيها نَقْص". وكَمال كل شَيْءٍ بحَسَبه.
(١) الألفية (ص: ٤٥).


الصفحة التالية
Icon