قال: إنكم تأتون قرية لهم دوي بالقرآن كدوي النحل فلا تبدؤنهم بالأحاديث فيشغلونكم١، جردوا القرآن وأقلوا الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وامضوا أنا شريككم.
فلما قدم قرظة قالوا: حدثنا. قال: نهانا ابن الخطاب".
قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد... ووافقه الذهبي.
ومما يؤسف عليه قلة العناية بالتفسير على الوجه المرضي الذي يستحقه، وهذا الإمام الذهبي في القرن الثامن "توفي سنة ٧٤٨هـ" يقول: "قلَّ من يعتني اليوم بالتفسير... "٢ وهذا السيد بدر الدين الحلبي في القرن الرابع عشر يقول: "طلاب العلوم الشرعية أقل الناس عناية بالتفسير وأزهدهم فيه، فالطالب الذي يصرف عشر سنوات من عمره في تعلم النحو من حواشي المتأخرين، أو بالحري يمضي عشر سنوات في قراءة قيل وقال، وأعترض وأجيب، مما ليس بعلم من العلوم، يضن على كتاب الله قانون دينه ومبدأ سعادة البشر في النشأتين بسنة يصرفها في قراءة تفسير من تفاسيره اللطيفة الموثوق بها، والمعلومة درجة مؤلفيها وطبقتهم بين العلماء"٣.
وقد مَنَّ الله عليَّ -ومننه لا تحصى فله الحمد- فجعلني من طلبة العلم وخدمة الشريعة ثم وفقني للتخصص بعلم التفسير وذلك عبء أسأله سبحانه بأسمائه الحسنى وصفاته العليا أن يعينني عليه، ويلهمني السداد والرشاد فيه ويجعلني من الشاكرين له حق شكره.

١ أورد الزركشي هذا الأثر مختصرًا -ولم يبين مخرجه- وهذه العبارة فيه هكذا: "فلا تشغلوهم بالأحاديث فتصدوهم" انظر "البرهان" "١/ ٤٨٠".
٢ بيان زغل والطلب ص"١٩".
٣ نقل كلامه الشيخ قاسم القيسي في "تاريخ التفسير" ص"١٢٥" من كتابه "التعليم والإرشاد".


الصفحة التالية
Icon