ابن أم مكتوم الذي نزلت فيه: ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى﴾ ويقول له: "مرحبًا بمن عاتبني فيه ربي " ١. وفي ذلك اهتمام بمن نزلت فيه الآيات وتعريف به وإظهار له، وهذا هو علم أسباب النزول بعينه، على أن لنا في عموم قوله صلى الله عليه وسلم: "بلغوا عني ولو آية" ٢ ما يمكن الاستدلال به على ذلك، إذ كان علم أسباب النزول قائمًا على النقل المرفوع الصحيح٣.
ولولا هذا العلم لزلت الأقدام وكبت الأفهام، وبالجهل به هلك الخوارج وكان ابن عمر رضي الله عنهما يراهم شرار خلق الله. وقال: إنهم انطلقوا إلى آيات نزلت في الكفار فجعلوها على المؤمنين٤.
ومن اللطائف أن الحافظ الإمام أحمد بن علي الدلجي المصري "ت٨٣٧هـ" قال عن الصحابة في حديث عن العلوم الإسلامية: إنهم تلقوا "أصولها من حضرته ﷺ ومشاهدتهم الوحي، وتفقههم بأسباب النزول وما أفاضته عليهم أنوار النبوة".
وكذلك ذكره بلا إسناد: الواحدي في "أسباب النزول" "ص٤٧٩" وابن الجوزي في "زاد المسير" "٢٦/ ٩-٢٧" وبدأه بقوله: "قال المفسرون". وذكره الرازي في "تفسيره" "٣١/ ٥٥" والقرطبي في "الجامع" "١٣٩/ ٩"، وعلقه عن الثوري، والسيوطي في "الجلالين" "ص٧٩١" والبروسوي في "روح البيان" كما في "تنوير الأذهان" "٤٩٢/ ٤"، والصابوني في "صفوة التفاسير" "٥١٩/ ٣" وعزاه إلى "حاشية الصاوي على الجلالين".
٢ رواه البخاري في كتاب "حديث الأنبياء" باب ما ذكر عن بني إسرائيل. انظر "الفتح" "٢/ ٤٩٦".
٣ ومن المستغرب جدًّا أن يقول الباحث عبد الرحيم أبو علبة في كتابه "أسباب نزول القرآن" ص"٩٠": "ومن الجدير بالذكر كذلك أنه لم يرد عن الرسول ﷺ أنه لفت الأنظار إلى علم أسباب النزول، ولا طلبه، ولم توجد آيات وأحاديث بهذا الخصوص... إلخ".
٤ علقه البخاري ووصله ابن حجر انظر تعليقي على الآية "٤" من سورة آل عمران.