وربما قال: فضيحتنا من الله نتكلم في كلامه بالاحتمالات. وفي آخر الأمر صار بعض طلبته يعتني بكتابة ذلك١، وكان يأتي في مجلسه من التفسير بدقائق ومهمات وغرائب لا توجد في سائر التفاسير، بل ينشئها من فكره، ولا يشتغل بإبداء ما في التفاسير من المنقول، لسهولة ذلك على ما يطالعها٢.
ولعلي أو لعل أحدًا ينهض بإبراز هذا الجانب المهم عند ابن حجر، ويتتبعه من كتبه الخاصة بعلوم القرآن أو التي فيها ما يتعلق بها كفتح الباري٣.
ولعل تحقيق كتابه "العجاب" هذا ودراسته تفتح الباب أمام الدارسين لمتابعة الكشف عن هذا الجانب وإعطائه الاهتمام اللائق به٤.
وبعد: فهذا جهدي واجتهادي:
حقق هذا المخطوط على نسخة فريدة في العالم وحررته تحريرًا بالغًا٥.

١ سجل لنا البقاعي في ترجمته لشيخه في "عنوان الزمان" بعض كلامه في ذلك، ولولا خشية التطويل لنقلته فهو نفيس انظر "١/ ورقة ٦٤".
٢ انظر مقدمة "تغليق التعليق" للدكتور سعيد القزقي "١/ ١٦٥" وقد نقل عن ملخصات من "الجواهر والدرر" للشيخ ظاهر الجزائري.
٣ نسب الدكتور شاكر إلى ابن حجر منظومة في "المُعَرّب"، انظر كتابه "ابن حجر" "١/ ٢٨٦-٢٨٧" والواقع أنها خمسة أبيات أوردها في "فتح الباري" "٨/ ٢٥٢-٣٥٣" في تفسير سورة النساء، فهي ليست برسالة مستقلة.
٤ وللشيخ إبراهيم بن حسن الكوراني "ت١١٠١هـ": التحرير الحاوي لجواب إيراد ابن حجر على البيضاوي في تفسير قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَه﴾ ومنه نسخة في التيمورية في القاهرة انظر "الفهرس الشامل العربي الإسلامي" المخطوط "٢/ ٧٣٩"، وهو ينفع أيضًا في هذا المجال.
٥ جاء في "لحظ الألحاظ" في ترجمة أحد طلاب ابن حجر: محمد بن محمد المعروف بابن الغرابيلي "٧٩٦-٨٣٥" ص"٢٩٩": "رحل إلى القاهرة فصحب بها الحافظ أبا الفضل بن حجر وحرر "تحرير المشتبه" له... " وكذلك كان يستعين بطلبته في تحرير "فتح الباري": انظر: "ابن حجر" للدكتور شاكر محمود "١/ ٣٠٨ و٣٦٦".
و"العجاب" مات عنه الحافظ مسودة فلم يحرر، فمن هنا كانت خدمته متعبة جدًّا ولكن لا مناص من ذلك لإخراج الكتاب إلى عالم الحياة.


الصفحة التالية
Icon