وفاته ترجيح أن١ يرجح الثاني٢؛ لأنه ليست مخالفة لما أمر به لا عمدا ولا سهوا، بل هو راجع إلى اجتهاده، ومن عادى من اجتهد فأداه اجتهاده إلى ضرر من عاداه لا يلام في المعاداة٣.
وقد وجدت ما يصلح معه إفراد الترجمة الثانية وهو سبب معاداتهم لرسول الله ﷺ لأن الأولى من جميع طرقها خاصة بجبريل عليه السلام، وذلك فيما أخرجه الطبري٤ من طريق عبيد الله العتكي -وهو أبو المنيب المروزي صدوق٥- عن رجل من قريش قال: سأل النبي ﷺ اليهود فقال: "أسألكم بكتابكم الذي تقرءون، هل تجدونني قد بشر بي عيسى أن يأتيكم رسول من بعدي اسمه أحمد؟ " قالوا: اللهم وجدناك في كتبنا، ولكنا كرهناك لأنك تستحل الأموال -يعني الغنائم- وتهريق الدماء. فأنزل الله عز وجل ﴿مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِه﴾ [الآية: ٦].

١ عليها في الأصل ما يشبه رمز الصحة! وهذا غريب إذ يبدو لي سقط من الكلام، فقوله: "وفاته ترجيح" غير متصل بما بعده.
٢ كلام ابن حجر هنا -فيما ترجح عندي- في تعليل عدول الرازي عن ترجيح القول الثاني.
٣ أي: لو كان هو السبب لما ليم اليهود في عداوتهم له؛ لأن اجتهاده أدى إلى أيقاع الضرر بهم.
٤ "٢/ ٣٩٤-٣٩٥" "١٦٣٤".
٥ قال في "التقريب" "ص٣٧٢": "صدوق يخطئ" وقد لخص بذلك الخلاف فيه، فقد قال ابن معين وعباس بن مصعب والنسائي في موضع والحاكم: ثقة وقال أبو حاتم: صالح: يحول من كتاب الضعفاء. وقال البخاري: عنده مناكير، وقال العقيلي: لا يتابع على حديثه، وقال ابن حبان: يتفرد عن الثقات بالأشياء المقلوبات.
وذهب آخرون إلى أنه ضعيف انظر "التهذيب" "٧/ ٢٦" و"الجرح والتعديل" "٥/ ٣٢٢".
٦ هذا الحديث منقطع، ضعيف الإسناد؛ لأن أبا المنيب إنما يروي عن التابعين انظر هامش الطبري "٢/ ٣٩٥" قلت: وفيه نكارة فكيف يسأل اليهود عن بشارة عيسى وهم لا يؤمنون به إصلًا؟!


الصفحة التالية
Icon