قال: وقيل: إن الأعراب التي كانت منازلهم بقرب يثرب، كانوا يغيرون عليهم، ويقاتلونهم، فيقولون: إن خرج النبي الذي يسفك دماءكم ويسبي أولادكم لنقاتلنكم معه، ونؤمن به، ويكررون الحلف فلما بعث نبذوا جميع تلك العهود١.
٣٥- قوله ز تعالى: ﴿وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ الله﴾ [الآية: ١٠١].
أخرج الطبري٢ وابن أبي حاتم٣ من طريق أسباط عن السدي٤ قال: في هذه الآية ﴿وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ﴾. قال: "لما جاءهم محمد عارضوه بالتوراة فخاصموه بها، فاتفق التوراة والقرآن، فنبذوا التوراة وأخذوا بكتاب آصف ونسخة٥ هاروت وماروت٦، فلم توافق القرآن، فأنزل الله عز وجل هذه الآية إلى قوله: ﴿كَأَنَّهُمْ لا يَعْلَمُون﴾.
وأخرج الطبري من طريق العوفي عن ابن عباس٧ قال: لما ذهب ملك سليمان

١ الجديد في هذين القولين ما ذكر سببًا لنزول هذه الآية، وقد مر معنا أن ما ذكر كان سببًا لنزول الآيات السابقة وكما ترى فإن ابن ظفر لم يذكر لما قال اسم قائل، ولا ساق إسنادًا.
٢ "٢/ ٤٠٤" "١٦٤٤".
٣ "١/ ١/ ٢٩٦" "٩٨٣" و"٩٨٥".
٤ ونقله ابن كثير عنه "١/ ١٣٤" دون أن يذكر مصدره! وعزاه السيوطي في "الدر" "١/ ٢٢٣" إلى ابن جرير فقط.
٥ في المصادر المذكورة كلها: سحر.
٦ ما بعد هذه الكلمة لم يرد في الطبري والسيوطي.
٧ لم يذكر هذا السند في "تفسير الطبري" "٢/ ٤٠٨" بل جاء الخبر بعد خبر ساقه عن ابن إسحاق "برقم ١٦٥٠" وسيأتي قريبًا" وقد أورد الخبر ابن كثير "١/ ١٣٤" مصدرًا ذلك بقوله: "وقال العوفي في تفسيره عن ابن عباس".
ولهذا علق الأستاذ محمود شاكر على هذا بقوله: "لست أدري أفي نسخ الطبري سقط، أم هذه جزء من رواية الطبري عن ابن إسحاق من حديث ابن عباس".
أقول: بل الراجح أن في النسخة سقطًا، والخبر الماضي عن ابن إسحاق لم يذكر فيه ابن عباس أصلًا، وتصريح الحافظ يؤيد هذا.


الصفحة التالية
Icon