فسقط كلامه١. وقد تلقاه منه بالقبول شيخ من شيوخنا أثير الدين أبو حيان٢ وسأذكر كلامه بعد.
وممن صرح بنفي ورود حديث مرفوع في هذه القصة القاضي عياض في "الشفاء" فقال: ما نصه بعد أن حكى الخلاف في عصمة الأنبياء هل هي عامة في الجميع أو في المرسلين فقط وفيمن عداهم خلاف قال٣: "فما احتج به من [لم] يوجب٤ عصمة جميعهم: قصة هاروت وماروت وما ذكر فيها أهل الأخبار ونقلة التفسير٥ وما يروى عن علي وابن عباس في خبرهما وابتلائهما، فاعلم أن هذه الأخبار لم يرو منها شيء لا سقيم ولا صحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس هو شيئا يؤخذ بقياس، والذي منه في القرآن اختلف المفسرون في معناه، وقد أنكر ما قال بعضهم فيه كثير من السلف٦، وهذه الأخبار من كذب٧ اليهود وافترائهم" قلت: وهذا من غريب ما وقع لهذا الإمام المشتهر بالحديث٨ المعدود في حفاظه٩.
٢ نص كلامه يشعر أنه تلقاه من ابن حزم وابن عطية، ولم يصرح باسم أحد منهما كما سيأتي.
٣ انظر "الشفا" بشرح علي القاري "٢/ ٣١٨-٣٢١" وبشرح الخفاجي "نسيم الرياض" "٢٣٠/ ٤" وما بين المعقوفين استدراك مهم منه.
٤ في "الشفا": يثبت.
٥ في "الشفا": المفسرين.
٦ ليته ذكر لنا بعض هؤلاء.
٧ في "الشفا" "ضمن النسيم" كتب.
٨ قال ابن خلكان "ت٦٨١" في كتابه "وفيات الأعيان" في ترجمته "٣/ ٤٨٣" "٥١١": "كان إمام وقته في الحديث وعلومه والنحو واللغة وكلام العرب وأنسابهم".
٩ ترجمه الذهبي في "تذكرة الحافظ" "٤/ ١٣٠٤" "١٠٨٣" و"السير" "٢٠/ ٢١٢-٢١٨" وابن الهادي في "طبقات علماء الحديث" "٤/ ٧٨" "١٠٦١" ووصفاه بـ"الحافظ".