معونة متراخية عن ذلك بمدة، لكن يمكن الجمع بأن نزولها تأخر حتى وقعت بئر معونة فكان يجمع في الدعاء بين من شج وجهه بأحد ومن قتل أصحاب بئر معونة، فنزلت الآية في الفريقين جميعا فترك الدعاء على الجميع، وبقي بعد ذلك الدعاء للمستضعفين، إلى أن خلصوا وهاجروا، وهذه أولى من دعوى النزول مرتين١.
٢- وقد جزم مقاتل بن سليمان٢ بأن قوله: ﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ﴾ إنما نزلت في القراء أصحاب بئر معونة ولفظه: "نزلت هذه الآية في أهل بئر معونة"٣ وكانت في صفر سنة أربع بعثهم رسول الله ﷺ ليعلموا الناس فقتلوا، وهذا سبب آخر.
وقال الزبير بن بكار٤ في ترجمة بني نوفل بن عبد مناف من كتاب "النسب"٥ ومطعم وأم طعيمة بن عدي بن نوفل فاختة بنت عباس بن عامر من بني

١ وقد ذكر التراخي في كتابه "الفتح"، شرح كتاب "المغازي" "٧/ ٣٦٦" قم قال: "والصواب أنها نزلت في شأن الذين دعا عليهم بسبب قصة أحد، والله أعلم. ويؤيد ذلك ظاهر قولة في صدر الآية، ليقطع طرفا من الذين كفروا، أي: يقتلهم، أو يكبتهم، أي: يخرجهم، ثم قال: أو يتوب عليهم، أي: فيسلموا، أو يعذبهم، أي: إن ماتوا كفارا". وأكد هذا في "٨/ ٢٢٧" وبين إن بلاغ الزهري لا يصح كما سبقت الإشارة قريبا.
٢ انظر "١/ ١٩٢".
٣ ليس هذا اللفظ مقاتل وإنما قال: "وذلك أن سبعين رجلا من أصحاب الصفة فقراء كانوا إذا أصابوا طعاما فشبعوا منه تصدقوا بفضله، ثم إنهم خرجوا إلى الغزو محتسبين إلى قتال قبيلتين من بني سليم: عصية وذكوان، فقاتلوهم فقتل السبعون جميعا فشق على النبي ﷺ وأصحابه قتلهم، فدعا عليهم النبي ﷺ أربعين يوما في صلاة الغداة فأنزل الله تعالى: ﴿لَيْسَ لَكَ... ﴾.
٤ قال الذهبي: العلامة الحافظ النسابة قاضي مكة وعالمها أبو عبد الله بن أبي بكر مولده في سنة "١٧٢"، توفي سنة "٢٥٦" انظر "السير" "١٢/ ٣١١-٣١٥".
٥ طبع منه الجزء الأول سنة "١٣٨١" بعنوان: "جمهرة نسب قريش" شرحه وحققه الأستاذ محمود محمد شاكر، وفيه الكلام على "بني أسد بن عبد العزى" وقد وصفه الذهبي بأنه "كتاب كبير نفيس"، وهو من مرويات الحافظ انظر "المعجم المفهرس" "ص١٦٢".


الصفحة التالية
Icon