الآية١.
٢٣٢- قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً﴾ [الآية: ١٣٠].
أخرج أبو داود٢ من طريق حماد عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن عمرو بن أقيش٣ كان له ربا في الجاهلية فكره أن يسلم حتى يأخذه فجاء يوم أحد فقال: أين بنو عمي؟ قالوا: بأحد. قال: فأين فلان؟ قالوا بأحد قال: فلبس لأمته وركب فرسه وتوجه قبلهم فلما رآه المسلمون قالوا: إليك عنا يا عمرو، قال: إني قد آمنت، فقاتل حتى جرح فحمل إلى أهله جريحا، فجاء سعد بن معاذ فقال لأخته: سليه٤ حمية لقومك وغضبا لهم أو٥ غضبا لله عز وجل فقال: بل غضبا لله ورسوله قال: فمات، فدخل الجنة وما صلى لله صلاة.
قلت: ما زلت أبحث عن مناسبة ذكر آية الربا في وسط ذكر قصة أحد حتى وقفت على هذا الحديث، فكأنها نزلت فيه فترك الربا وخرج إلى الجهاد فاستشهد، أو أن ورثته طالبوا بما كان له من الربا فنهوا عنه بالآية المذكورة٦.

١ إذا كان الله أجاب دعاءه فما معنى نزول: ﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ﴾ ؟
٢ في "سننه" كتاب "الجهاد" باب في من يسلم ويقتل مكانه في سبيل الله "٣/ ٢٠".
٣ ترجمته في "الإصابة" "٢/ ٥٢٦"، وأقيش: جده، واسم أبيه ثابت، وقد نقل الحافظ فيها الحديث عن أبي داود وزاد نسبته إلى الحاكم، وقال: هذا إسناد حسن.
٤ تحرف هذا في "الإصابة" إلى: لأخية سلمة!
٥ كذا هنا وفي "الإصابة"، وفي أبي داود "أم" وهو الوجه.
٦ قلت: لم يتضح لي كيف تنزل فيه فيترك الربا ويخرج إلى الجهاد مع أن الآيات بعد انتهاء الوقعة، وأما الرأي الثاني فهو تخريج جيد، وكان القرطبي قد قال في "الجامع" "٤/ ١٣٠": "هذا النهي عن أكل الربا اعتراض بين في أثناء قصة أحد. قال ابن عطية: ولا أحفظ في ذلك شيئا مرويا" ولم يقف الأستاذ محمد عزة دروزة على تخريج فقال في "تفسيره" "٨/ ١٥٧" من كلام: "إن النهي عن أكل الربا أضعافا مضاعفة في الآيات لا يبدر متصلا بشيء من ذلك".
أقول: ويمكن القول أن مناسبة اقتضت الكلام على الربا فنزلت هذه الآيات، عقب المعركة فوضعت في هذا المكان مراعاة للتسلسل الزمني، ثم نزلت الآيات التي تعالج آثار المعركة، وهي آثار لابد أنها امتدت زمنا فوضعت بعد المقطع السابق ومن الواجب على المؤمن التأني في الحديث عن كتاب الله.


الصفحة التالية
Icon