قَالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [﴿وَعُيُونٍ﴾: أنهار جارية فِي الدورِ من النيلِ]، وينبغي أن يُقالَ: فِي الدورِ وغيرها، حَتَّى الجنات الَّتِي هِيَ البساتينُ إذا كانت فيها أنهارٌ مختلفةٌ؛ فإن ذلك لا شكّ ممّا يُبْهِجُ ويَسُرّ القلبَ، فهو أعمُّ من كونها فِي الدورِ، أو فِي هَذِهِ الجناتِ.
وقوله: ﴿وَكُنُوزٍ﴾ يقول المُفسِّر: [أموال ظاهرة]، ولكن فِي هَذَا نظرٌ كونه يفسّرها بالأموالِ الظَّاهرةِ، ولو فَسَّرْنَاها بالأموالِ الَّتِي تُكنَز سواءً كانتْ مكنوزةً بالفعلِ؛ لكثرةِ المالِ ووفرتِه، فهم لا يحتاجون إِلَى إنفاقه، وإنَّما يكنزونه فِي الأرضِ لِيَرْصُدُوه لمِا يُستقبل؛ أقول: سواء كانت مكنوزةً بمَعْنى مدفونةٍ أو غير مدفونة؛ لِأَنَّ الذهب والفضة يُسمَّى كَنزًا إذا لم تؤدّ زكاته، وهذا كنزٌ شرعيٌّ، وإذا دُفن سُمِّيَ كنزًا؛ لُغويًّا.
المهم أننا نقول: الكنوز هِيَ الأموالُ العظيمةُ الكثيرةُ من الذهبِ والفضّة، وسواء كانت هَذِهِ الكنوز نقودًا أو كانت حُليًّا يتحلَّون بها.
يقول: ﴿وَمَقَامٍ كَرِيمٍ﴾ المقام نقول: المجلسُ، ويمكن أن يكونَ المُراد بِهِ مَحَلّ الإقامةِ، يعني: المُراد بالمقام المَسْكَن، فهو أعمُّ من أنْ يكونَ المجلس. والكريم: الحَسَن، ولهذا قال النبي - ﷺ -: "إِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ" (١) يعني: أَحَاسِنها، فصار هَؤُلَاءِ ممتَّعين من كلِّ وجهٍ: مقام كريم بأمنٍ وطمأنينةٍ، وراحة، وحسن، وباللون والكيفية، وكذلك أيضًا من حيثُ الأموالُ الوفيرةُ الَّتِي تَوَفَّرَتْ لهم حَتَّى صَاروا يَكْنِزُونَها.