والجَواب: أن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أهلك فِرْعَوْن فِي البحرِ بدونِ حربٍ، والغنيمةُ هِيَ ما أُخذَ من مالِ الكفّارِ بقتالٍ وما أُلحِق به، هَذَا تعريفها شرعًا، وهذا ما أخذَ بقتالٍ فهَؤُلَاءِ هَلَكُوا، فبَقِيَتْ دِيَارُهُم لبني إِسْرَائِيلَ، وحتى لو لم يَسْكُنْها بنو إِسْرَائِيل لَسَكَنَهَا آخرونَ غيرُهم، فالمسألة هَذِهِ ما غَنِمُوها بأيديهم، ولكنها من الله عَزَّ وَجَلَّ لهلاكِ هَؤُلَاءِ، يعني: كَانَ الأمر أَنَّهُم لَمَّا هَلَكُوا صارتْ إرثًا لبني إِسْرَائِيل: إرثًا قدريًّا؛ لِأَنَّهُ لا بد أن يكون كذلك.
فَإِنْ قِيلَ: هَذَا كما قال الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ﴾ [الأَنبياء: ١٠٥]، فهذا شيْء كتبه الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى من بَدْءِ الخَليقة أن الأرضَ للمُؤمِنينَ، فهذه هِيَ القرينة الَّتِي تخرجها عن الغنائم فلا تكون غنيمةً.
فالجَواب: لا، هِيَ ليست أرضًا فقطْ، بل جنَّات وعيون، وكنوز، ومقام كريم، وهذه الكنوز مما يُنْقَل.
وإن قيل: هل كان بنو إِسْرَائِيلَ يسكنون معهم؟
فالجَواب: ساكنون فِي جانبٍ من مِصْرَ، من جانب المدينةِ، لكن اهم أخذوا كنوز فِرْعَوْن وآل فِرْعَوْن.
المهم أن الجَواب الصَّحيح هُوَ الأول، وَهُوَ أن يُقال: إن الغنيمة هِيَ ما أُخِذَ بقتالٍ وما ألحقَ به، وما عدا ذلك لا يُسَمَّى غنيمةً شرعًا.
إذن نقول: ﴿وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾ ظاهرها مُشْكِل مع قوله: "أُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِمُ"، ونحن نقول: أصلًا ليس هناك غنيمة، يعني: كوننا نقول: هَذِهِ من الغنائم