* إما أن يبيِّن عَيْبَهُم لعلَّه يُصْلِح من أحوالهم، ويكون ما صلحَ من أحوال باقيهم كالهادمِ لمَا سَبَقَ.
* وإمَّا أن يُقالَ: إن هَذَا بيان؛ لِأَنَّ هَذِهِ طبيعتهم وسَجِيَّتهم مثلًا، فيكون فيه مع التوبيخ لهَؤُلَاءِ تسليةٌ للرسولِ - ﷺ - وأصحابه.
فَإِنْ قِيلَ: وماذا عن أحوالهم الآن؟
فالجَواب: ما صاروا عليه أخبثَ؛ لأنَّهم صاروا كفّارًا؛ لِأَنَّهُ بعد بعثةِ الرسولِ - ﷺ -، بل بعد بعثة عيسى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وكفرهم بِهِ صاروا كفّارًا وليس فيهم إيمان أبدًا.
ولا شكَّ أن عندهم عُتُوًّا، ومَن أراد أن يعرِفَ عن أحوالهم شيئًا فليراجِعْ (إغاثة اللَّهْفان) لابن القَيِّم، لكن الكَلام عن الَّذين أُورِثُوا أرضَ فِرْعَوْن فِي ذلك الوقتِ، ما لنا فِي الحَقِيقَة حقٌّ أن نقولَ: إيمانهم كاملٌ، أو إيمانهم ناقصٌ، إنَّما نعرِف من قول الله تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ﴾ [الأَنْبياء: ١٠٥]، أَنَّهُم فِي ذلك الوقت صالحونَ فقطْ، وتغير الأحوال بعد ذلك الوقت واضحٌ.
فَوَائِد الآيَةِ الْكَرِيمَةِ:
الْفَائِدَةُ الْأُولَى: تمام قدرة الله عَزَّ وَجَلَّ بفَلْقِ البحرِ، وتَيْبِيسه فِي الحالِ.
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: فيها دَليلٌ عَلَى أن لكلِّ شيْءٍ سببًا، حَتَّى الآيَات الَّتِي يجعلها اللهُ عَلَى يدِ الشخصِ لها سببٌ؛ فإن الله تعالى لم يَفْلِقِ البحرَ إلَّا بعد أن أَوحى إِلَى مُوسَى أنِ اضْرِبِ البحرَ بعصاكَ، فضربه فانفلقَ.