الصِّفات، وهي كلمة لها معناها.
إذن فقوله: ﴿تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ﴾ أي: المُبين لكلِّ شيْءٍ، وخَفاء بعضِ الأمورِ عَلَى النَّاس منَ القُرآن لَيْسَ من قصورِ القُرآنِ، ولكن من قصورهم؛ إما لقصور فِي الفهم، أو العلم، أو القصد.
قد يقول قائل: إننا لا نجد كل شيْء فِي القُرآن؟ وأوّل ما يُعترض علينا أنَّنا لا نجد كمّ عددِ الرَّكَعَات فِي الصلاةِ، فأينَ البيانُ؟
فيُرَدُّ عليه بأنَّ القُرآنَ أتَى بتِبيانِ كلِّ شيْءٍ عَلَى الْعُمومِ، والسنَّة أنزلها اللهُ عليه - ﷺ - لِتُبَيِّنَ للناس موضوعَه، والرسول - ﷺ - قد فسَّر القُرآن، ولكن عَلَى الصِّيَغ العامَّةِ والإشارات العامَّة بالقُرآن، وأمَّا التفريعات فبينها رسول الله - ﷺ -.
فنقول: بيان القُرآنِ نوعانِ:
أحدهما: أنْ يُبَيِّنَ الشَّيْءَ بِعَيْنِه.
والثَّاني: أن يُبَيِّنَه بِوَسِيلَتِهِ وطَريقته. يعني: يقول: الطَّريق إِلَى مَعْرِفَةِ هَذَا كذا.
فتَارَةً يُبَيِّن الشَّيْء بعينِه، والغالب أن ذلك فيما لا يُمْكِن إدراكُه، وتارَةً يبيِّن الشَّيْءَ بطريقته ووسيلتِهِ، يعني: يقول الطَّريقة إِلَى كَذَا هِيَ كذا، فمثلًا: بيَّنَ لنا الطَّريق إِلَى معرفةِ عددِ الصلاةِ بقوله: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ﴾ [الحشر: ٧]، وبقوله: ﴿وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ﴾ [النساء: ١١٣]، وبقوله: ﴿مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ﴾ [النساء: ٨٠]، وبقوله: ﴿لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ﴾ [النحل: ٤٤]، وغير ذلك.
وقد نُقلت قصةٌ عن الشيخِ مُحَمَّد عَبْدُه معَ رجلٍ نَصرانيّ اعترضَ عليه،