لا يُمْكِن أنْ نُؤْمِنَ لكَ.
قوله: ﴿وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ﴾ أي الأنقصون من الخلق، وقَوْلُهُ: ﴿وَاتَّبَعَكَ﴾ فيها قراءتان: (وأتباعك) جمع: تابع، مبتدأ، و (الْأَرْذَلُونَ) خبرُه، أمَّا على قِراءَة ﴿وَاتَّبَعَكَ﴾ فـ (الأرذلونَ) فاعلٌ.
والمَعْنى: أنَّهم قالُوا: لو كَان أتباعُكَ المَلَأ والأشراف لاتَّبَعْنَاكَ، لكن أَتْبَاعك أراذلُ النَّاسِ، مِنَ الفُقَرَاءِ والسُّوقة، والَّذينَ لا يُقَدِّرُونَ الأمورَ ولا يَعْرِفُونها؛ فهم أراذلهم من حيثُ المالُ - على زَعْمِهِم - ويُمْكِنُ أنْ نقولَ: إنَّهم أراذلهُم من حيثُ الثقافةُ أيضًا والجاهُ والشرفُ، فهم أرذلُ الأراذلِ عندهم.
وهل هذا مانعٌ، فهو يوجه الخطابَ إليكم أيها الأكملونَ، فكيف تقولونَ: لا نؤمن وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ؟ فالخطابُ موجَّه لكم؛ لأنكم لو آمنتم ما احتيجَ إلى توجيهِ الخطابِ والأمر لكم بتقوى اللهِ، وطاعته، ولكنَّكم مُعانِدونَ.
وهنا قالُوا: ﴿وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ﴾ على سبيلِ الإطلاقِ بدونِ إضافةٍ إلى أحدٍ، وفي سُورةِ هُود قالُوا: ﴿وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ﴾ [هود: ٢٧]، فكَانت العبارةُ هناك أهونَ من هذه من جهتينِ:
أوَّلًا: لأنَّهم أَضافوا الأمرَ إليهم، وهنا أَطلقوا.
ثانيًا: أنَّهم هناكَ قالُوا: ﴿بَادِيَ الرَّأْيِ﴾ يَعْنِي: ولعلَّه عند التأمُّل لا يكونُ الأراذلُ همُ الأتباعَ، وهنا أَطلقوا فما قالُوا: ﴿بَادِيَ الرَّأْيِ﴾ ولا آخر الرأيِ، فإمَّا أن تكونَ هذه الآيةُ قبلَ تلكَ أو تلكَ قبلَ هذهِ.
ويَحتمِل أنَّ هذا قولُ طائفةٍ، وهذا قالَتْهُ طائفةٌ أُخرى، لكن حمْله على حالينِ