امتثلَ النَّاس فهو نِعمةٌ عَلَى الجميعِ، وإنْ لم يَمتثِلوا فلا تَغْتَمَّ؛ لأنك إذا اغتممتَ اشتغلتَ بغيرِكَ عن نفسِكَ، وصار هَمُّكَ وَلاء النَّاس، وهذا يُفسِد عليك أنت عباداتِكَ الخاصَّةَ، فاشتغِلْ بنفسِكَ، وغيرك أدِّ ما أوجبَ اللهُ عليك لهم، ثم إنِ اهتدوا، وإلَّا لستَ عليهم بِمُسَيْطِر. وبهذا يَستريح الْإِنْسَان راحةً عظيمةً ويكون مُقْبِلًا عَلَى عبادتِهِ، مُحْسِنًا لها.
فإن قالَ قائلٌ: بعض النَّاس الَّذين لا يَدْعون النَّاس لهم حُجَّةٌ فِي ذلك، ويقولون حديثًا عن الرسول - ﷺ -: "إِذَا رَأَيْتَ شُحًّا مُطَاعًا، وَهَوًى مُتَّبَعًا، وَدُنْيَا مُؤْثَرَةً، وَإِعْجَابَ كُلِّ ذِي رَأْيٍ بِرَأْيِهِ، فَعَلَيْكَ بِخَاصَّةِ نَفْسِكَ وَدعِ العَوَامَّ" (١).
فالجَواب: قال "عَلَيْكَ بِخَاصَّةِ نَفْسِكَ" فمِن خاصَّةِ نفسِكَ أن تأمرَ بالمعروفِ وتَنهَى عنِ المنكَر: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ﴾ [المائدة: ١٠٥]. فلا تَدَعْ نفسَكَ فِي ملاحقةِ النَّاسِ والإشتغال بهم عن دِينك.
ويُستفاد من الآية الكريمة: تَسلِيَة الرسول - ﷺ - لعدم إيمان قومه.
* * *