الآيتان (١٣٩، ١٤٠)
* قالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (١٣٩) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾ [الشعراء: ١٣٩ - ١٤٠].
* * *
قال المُفسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [﴿فَكَذَّبُوهُ﴾ بِالْعَذَابِ ﴿فَأَهْلَكْنَاهُمْ﴾ فِي الدُّنْيَا بِالرِّيحِ، ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (١٣٩) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾].
قوله تعالى: ﴿فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْنَاهُمْ﴾ يَعْنِي: فبهذا القولِ الَّذي صَدَرَ منهم يَصْدُقُ عليهم هذا الوصفُ، أنَّهم كذَّبوا هُودًا، فيكونون مُسْتَحِقِّين للعذاب، ولهذا أتَى بالفاء ﴿فَأَهْلَكْنَاهُمْ﴾.
قال المُفَسِّر: [﴿فَأَهْلَكْنَاهُمْ﴾ في الدنيا بالرِّيح]، أهلكهم اللهُ تَعالَى بالريحِ، ومنَ العجائبِ أن الله - سبحانه وبحمده - أهلكهم على حين تَشَوُّق منهم للرَّحمة؛ لأنَّهم أُصيبوا بالجدْبِ والقَحْط، وبَقُوا مدَّةً، وصاروا ينتظرونَ الفَرَجَ بالمطرِ، فلمَّا أَرسلَ اللهُ هذه الريح ﴿عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا﴾ [الأحقاف: ٢٤]، استفرحوا بذلك وظَنُّوا أنَّ الفَرَج قريبٌ، ولكنه كَان فَرَجًا لهُودٍ ونِقمةً عليهم.
قال الله تعالى: ﴿بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (٢٤) تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ﴾ [الأحقاف: ٢٤ - ٢٥]، وهذه الريحُ الَّتي بَعَثَها الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى على عادٍ فيها من آياتِ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أنَّ هؤُلاءِ القوم الأشدَّاء الأقوياء