قَال المُفسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [﴿فَأْتِ بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾ في رِسالتك]، لو اقتَصَرُوا على قَوْلِهِم: ﴿مَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا فَأْتِ بِآيَةٍ﴾ لكَانَ هذا كَلامًا سليمًا؛ لأنَّ كلَّ إِنْسانٍ يَأتيه بَشَرٌ مثله ويقول: إنني رَسُولُ ربِّ العالمينَ، فسيقول: هاتِ آيةً ودَليلًا، وإلَّا لأمكنَ كلَّ كذّابٍ أنْ يدَّعِيَ النبوَّةَ، وأنْ يَسْتَحِلّ دماءَ غيرِه وأموالهم بهذه الدعوَى الكاذبةِ.
فقولُهم: ﴿فَأْتِ بِآيَةٍ﴾ صَحِيحٌ، لكن ما المُرادُ منه، هل يُرادُ به التحدِّي أم الإسترشادُ؟
يَظهَر من حالِهم أن المُرادَ به التحدِّي، يَعْنِي أنَّه لا يُمْكِن أنْ يأتيَ بآيةٍ، على حدِّ قولهم: إنه مُسَحّر، وقولهم: ﴿إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾ يدلّ على استبعادهمْ أنْ يكونَ كذلكَ، وعلى أنَّهم يُريدون بهذا التحديَ له.
* * *