﴿لَئِنْ﴾ مُوَطّئَةٌ لِلْقَسَم، أمَّا اللام في ﴿لَتَكُونَنَّ﴾ فهي واقعة في جَوابِ القَسَم،
والجَوابُ الموْجودُ هنا لِلْقَسَمِ، قال ابن مالك (١):
وَاحْذِفْ لَدَى اجْتِماعِ شَرْطٍ وَقَسَمْ | جَوَابَ مَا أَخَّرْتَ فَهْوَ مُلْتَزَمْ |
[المُبْغِضِين]، وهذا فيه نوعٌ مِنَ التحدِّي لهم. يَعْنِي: إنْ أَخْرَجْتُمُونِي فأنا راضٍ
بذلكَ، ولا يُهِمّنِي إخراجي؛ لأني ﴿لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقَالِينَ﴾ والإِنْسانُ المبغِض لعملِ
قومٍ لا يحب أن يَبقَى معَهم، فكَأنَّه يقولُ: أنا لا يُهِمّنِي إذا خرجتُ؛ لأنني لا أرغبُ
بالمُقامِ معَكم وأنتم على هذا العملِ الخبيثِ الَّذي أُبْغِضُه، والإِنْسانُ أشدّ ما يكونُ
عليه أن يَبْقَى مع قومٍ يَكْرَهُهُمْ، يقول المُتَنبِّي (٢):
وَمِنْ نَكَدِ الدُّنْيَا عَلَى الحُرِّ أَنْ يَرَى | عَدُوًّا لَهُ مَا مِنْ صَدَاقَتِهِ بُدُّ |
فكَأنَّه يقول: أنا أرغبُ بهذا، ومُسْتَعِدٌ له، ولا أُبالي مِنَ الْقَالِينَبإخراجِكُمْ.
وفيه دليلٌ على أنَّه يَجِبُ على كلِّ مؤمنٍ أن يُبْغِضَ عملَ هؤُلاءِ القومِ؛ لأنَّ
الرُّسُلَ يُبْغِضُونه، وهذه هي فائدةُ الجمع في قَوْلهِ: ﴿مِنَ الْقَالِينَ﴾ أي: من المُبْغِضِين
له، وإنْ كَان هو ما فيه إلّا قليل منَ اَّلذينَ آمنوا معه: ﴿فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ
الْمُؤْمِنِينَ (٣٥) فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ [الذاريات: ٣٥ - ٣٦]، يَعْنِي أنَّه ما آمنَ
معه أحدٌ إلَّا أهلُ بَيْتِهِ، وليس كلّ أهلِه؛ فامرأتُه كَانتْ من الكَافِرينَ.
(١) ألفية ابن مالك- عوامل الجزم، (ص: ٥٩) ط. دار التعاون.
(٢) ديوانه (١/ ٣٧٥).
(٢) ديوانه (١/ ٣٧٥).