مِنَ القُرآنِ في أحدٍ مُعيَّن منَ الكفَّار سِوَى أبي لَهَبٍ عمّ النَّبيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وما نزلَ القُرآنُ في تَسْمِيَةِ شخصٍ بعينِه منَ المسلمينَ إلَّا في زَيْدِ بنِ حَارِثَةَ، مَوْلًى منَ الموالي، من أبعد ما يكون عنِ الرَّسُولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ.
وبهذا يَتَبَيَّن أنَّ قُرب النسَبِ وقرب المصاهرةِ وغيره لا يُغني عنِ الإِنْسان شيئًا.
وتأمَّل ما نزل في سُورَةِ التحريمِ: ﴿ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ﴾ [التحريم: ١٠]؛ لأنَّ عائشةَ وحَفْصَةَ اللَّتَيْنِ تَظَاهَرَتَا على النَّبيّ - ﷺ - قد يَغْتَرَّانِ بِقُربهما إلى النَّبيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فيَعْمَلَانِ ما عَمِلاه، وبيَّن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أنَّه لا تَنْفَعُهما صِلَتُهما بالنَّبيِّ - ﷺ -.
الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ: أنَّ عُقوبة اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى تَتَنَوَّع حَسَبَ العملِ؛ لأنَّ هنا تُمْطِر مطرًا حتَّى هَدَّمَتْ مَنازِلَهم، وصار عاليها سافلها، ثم خُسِف بها فيما بعدُ، ولذلكَ الآن هي بُحيرة اسمها (بُحيرة لُوط) معروفة، وهي البحر المَيِّتُ؛ وسُمِّيَتِ البحرَ الميِّتَ لأنه غيرُ مُتَّصِل بالبِحار، ويقولون أيضًا: إنَّه لا يعيشُ فيه السمكُ والحوتُ بمثل ما يعيشُ فيه غيرُه، فهو فيه سمكٌ لكنه ليسَ مثلَ غيرِه؛ لأنه ليسَ مُتَّصِلًا بالبحارِ العميقةِ، فلا يكون فيه ذلك الشيْءُ الكثيرُ.
الْفَائِدَةُ الخَّامِسَةَ عَشْرَةَ: استدلَّ بعضُ العُلَماءِ - أخذًا من هذه القصّة - أنَّ اللُّوطِيَّ يُقتَل بأنْ يُرمَى بالحجارةِ حتَّى يموتَ؛ قياسًا على رَمْيِ اللهِ تَعالَى لهؤُلاءِ بالحجارةِ.
وهذه المسألة فيها خلافٌ:
فالقولُ الأوَّل: أنَّ اللُّوطيّ لا يُتعرّض له ولا يُقال له شيْءٌ.