من عشيرتِهِ أو ليسَ من عشيرتِهِ.
ففي هذا دليلٌ على أَنَّه يَجِبُ على الإِنْسانِ ألَّا يَتَعَاظَم على أحدٍ، لكن بالأخصّ للمؤمنِ، وأن يُلِينَ له جانبًا، لكن غير المؤمن لا يُلِين له جانبًا.
فإن قيل: كيف نقولُ: لا يُلِين للكافرِ جانبًا، بينما يقول الله تعالى: ﴿فَقُولَا لَهُ، قَوْلًا لَّيِّنًا﴾ [طه: ٤٤]؟
قلنا: الآيةُ يُرادُ بها جانِبُ الدَّعوة.
وقَوْلُهُ: ﴿لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ في هذا دليلٌ على أنَّ تَحقيقَ الإيمانِ إنَّما يكونُ في اتِّباع الرَّسُول - ﷺ -؛ لأنه لَمَّا قال: ﴿وَأَنذِرْ عَشِيَرتَكَ﴾، فهو إذَا أنذرَ إمَّا أنْ يُتَّبَعَ وَإِمَّا ألّا يُتَّبَعَ.
قَوْلهُ: ﴿فَإِنْ عَصَوْكَ﴾ قال المُفَسِّر: [عَشِيرَتُكَ]، والأصحُّ هم أو غَيرُهم، قال: [﴿فَقُلْ﴾ لهم: ﴿إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ﴾ مِن عِبادَة غيرِ اللهِ]، ولم يقلْ: "بريء منكم"؛ لأنه لو قال: "مِنكم" لكَان هذا أشدَّ صدمةً، ولاحتملَ أن تكون هذه براءةً شخصيَّةً، وأيضًا يَحْصُل منهم النفورُ عن العملِ، لكنه لما قال: ﴿إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ﴾ عَرَفُوا أن السَّبَبَ في البراءة العملُ، ولربما يكون ذلك سببًا لِئَنْ يَرْتَدِعُوا عنه، ولأجلِ أنْ يَنالوا الوَلاءَ دُون البَرَاء.
* * *


الصفحة التالية
Icon