والتوكُّل: هو الإعتمادُ على اللهِ معَ الثِّقَةِ به في جَلْبِ المنافِعِ ودَفْعِ المضارّ.
قولُه رَحِمَهُ اللَّهُ: [﴿عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ﴾ الله، أي: فَوِّضْ إليه جميعَ أمورِكَ]، ولم يَقُلِ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: "على الله" بل قال: ﴿الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ﴾؛ لأنَّ المقامَ يَقتضيه؛ يَقتضي عِزَّة في مقابلِ المكذِّبين له، ورحمةً في مقابلِ قيامِه بواجبِ الإنذارِ.
قال المُفسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [﴿الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ﴾ إلى الصلاةِ]، بعضُهم يقولُ: حينَ تقومُ مِن مَنامِكَ، ولكن هذا المَعْنى الَّذي ذكرَه المُفَسِّر أعمُّ، وقيل: إنَّ المَعْنى: حينَ تقومُ في شُئُونِكَ منَ الإنذارِ وغيرِ الإنذارِ، يَعْنِي: يَرَاكَ حينَ تقومُ مُنْذِرًا، ويراك حين تقومُ مُصَلِّيًا، ويراك حين تقوم صَائمًا، وحين تقوم حَاجًّا، وفي جميعِ الأحوالِ، يَعْنِي: حِينَ تَقُومُ إلى عِبادَة اللهِ.
ويَرَاكَ أيضًا حين تَقَلُّبِكَ ﴿فِي السَّاجِدِينَ﴾ قال المُفَسِّر: [المصلِّين]، أي: في جُمْلَتِهِم، وهذا المَعْنى الأخيرُ أعمُّ منَ الجميعِ.
قَوْلُهُ: ﴿وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ﴾ تَقَصَّد الصلاةَ؛ لأنها أصلُ العباداتِ البدنيَّة.
وقَوْلهُ: ﴿إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ جملةٌ استئنافيَّةٌ؛ لِبَيَانِ أنه معَ رُؤْيَتِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فهو أيضًا سميعٌ عليمٌ.
إذنِ اجتمعَتْ ثلاثُ صِفاتٍ: الرؤيةُ، والسمعُ، والعلمُ.
* * *