يعني: حَسَبَ الواقعِ والحالِ، أمّا الَّذِي يقولُ: (فِي علمِ اللهِ) فلا يحتاج إِلَى كونها زائدةً، ومن يقول: إن (كان) فعل ماضٍ عَلَى حقيقتها، يَحتاجُ إِلَى أنْ يقولَ: "في علم الله".
ولكنَّنا نَتَخَلَّص من هَذَا كلِّه بأن نقولَ: إن المُراد بـ (كان) هنا مجرَّد الحَدَث، أي الدلالة عَلَى الحدثِ فقطْ، فهي مجرَّدة عنِ الزَّمانِ، وإذا كانت مجردةً عن الزَّمانِ فلا نَحْتاج إلى أنْ نقولَ: إنها زائدةٌ، ولا نَحْتاج إلى أنْ نقولَ: فِي علمِ اللهِ، نقول: إن الواقعَ أَكْثَرُهم لَيْسَ بمؤمنٍ ﴿وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ﴾.
وقوله: ﴿وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ﴾ لا يَتَوَجَّه عَلَى كَلامِ الشارحِ، إلَّا أن يكون قولًا آخرَ؛ لأنك إذا قلتَ: ﴿وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ فِي علمِ اللهِ، لا يصلح أنْ تقولَ: (كان) زائدةٌ.
ومَعْنى قوله: [و (كان) قال سِيبَوَيْهِ: زائدةٌ]، أنَّ سِيبويهِ يَرى أَنَّهَا زائدةٌ، والمُفسِّر يرى أَنَّهَا أصليَّة لكنْ باعتبارِ علمِ اللهِ، ونحن نقول: إنها أصليَّة مجرَّدة عنِ الزَّمانِ، بل للدلالةِ عَلَى الحدثِ فقطْ.
وقوله: ﴿وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ فيه دليلٌ عَلَى أنَّ بعضَهم مؤمنٌ، وَهُوَ كذلكَ؛ فإن بعضهم مؤمنٌ وآمَنَ بالفعلِ.
قال: ﴿وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ فلا يَنتفعُ بالآيةِ إلَّا المؤمنُ، فإذا لم ينتفعْ بِهَا أحدٌ ما صارتْ بالنِّسبةِ إليه آيةً، ولهذا قيَّدها بقوله: ﴿وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ أي: لا يَنتفعون بها.
* * *