قَالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [﴿أَلَا﴾ الهمزة للإستفهامِ الإنكاريِّ ﴿يَتَّقُونَ﴾ اللهَ بِطَاعَتِهِ فيوحّدونه]. قوله: ﴿أَلَا يَتَّقُونَ﴾ يَحتمل أَنَّهُ من المرسَل به، يعني: يقول لهم ﴿أَلَا يَتَّقُونَ﴾، ويَحْتَمِل أَنَّهُ من كَلام اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لِمُوسَى، لِيُبَيِّنَ له حالهم، وأنَّهم يَتَجَنَّبُون التَّقْوَى، وأن الأليقَ بهم أن يَتَّقُوا الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
وقوله: [﴿أَلَا﴾ الهمزة للإستفهامِ الإنكاريِّ]، مُقْتَضَى كَلامه أن يقولَ: الهمزةُ للإستفهامِ، و (لا) نافية، يعني: أهُم لا يَتَّقُون، وأنه لا يَصِحّ أنْ يَجْعَلَها للعرْض، نحو (ألا تَنْزِل عندنا فتُصِيبَ خيرًا)، ويكون المقصود بقوله: ﴿أَلَا يَتَّقُونَ﴾ عرَض التَّقْوى عليهم.
فعلى كَلام المُفسِّر تُعْرَب الهمزةُ وَحْدَها، و (لا) وحدها، فتكون الهمزةُ للإستفهامِ، و (لا) نافيةً.
وعلى الإحتمال الَّذِي ذَكَرنا أن تكون للعرض، يعني: اعْرِضْ عليهم التَّقْوى مُلْزِمًا لهم بها، وسبقَ أن المُرادَ بالتَّقْوَى اتِّخاذ الوقايةِ مِن عذابِ اللهِ.
فوائد الآيتينِ الكريمتينِ:
الْفَائِدَةُ الْأُولَى: إِثْبات النداء لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؛ لقوله: ﴿وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ﴾، فيكون كَلامه بصوتٍ عَلَى هذا، وأنه بحرفٍ؛ قال تعالى: ﴿أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (١٠) قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلَا يَتَّقُونَ﴾ كلها حروف.
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: وفي هَذَا دليلٌ عَلَى فضلِ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَلَى الخَلْق؛ لإرسالِهِ الرُّسُلَ، فإرسال الرُّسُلِ دليلٌ عَلَى فضلِ اللهِ عَلَى الخلقِ، وعنايته بهم؛ لِأَنَّ الخلقَ مَهما أُوتوا من ذَكاءٍ لا يُمْكِنُهُم أنْ يُدْرِكوا ما يجبُ للهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَلَى التفصيلِ.