كَلامٌ مُزْعِج فِي الواقعِ أنْ يقوله الْإِنْسَانُ لِمَن كَانَ نِدًّا له، ولكن مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمّا قالَ اللهُ له فِي الأوَّل: ﴿فَاذْهَبَا بِآيَاتِنَا إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ﴾ [الشعراء: ١٥]، كَانَ واثقًا بالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وموقنًا بأنَّه لن يَضُرَّهُ فِرْعَوْن، والأمرُ كذلك.
الشَّاهدُ أن المشرقَ والمغربَ وما بينهما لظهورِ الآيَاتِ فيهما؛ قال لهم: ﴿إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ﴾ فهذا من وجهٍ.
ثانيًا: أراد أن يقابل قول فِرْعَوْن: ﴿إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ﴾ [الشعراء: ٢٧]، فكأنه يقول: المجنون مَن لم يستدلَّ بهذه الآيَات عَلَى الربِّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
قَالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [﴿إن كُنتُم تَعقِلُونَ﴾ أَنَّهُ كذلك فآمنوا بِهِ وحده]، مثلما قال المُفسِّر فيما سبق: [﴿إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ﴾ [الشعراء: ٢٤]، بِأَنَّهُ تَعَالَى خَالِقه فَآمِنُوا بِهِ وَحْده].
* * *