فيُقال: إن التَّأكيد هنا يُراد بِهِ تأكيدُ الجَوابِ، كأنه يقول: أتؤكّد لنا الأجرَ؟ أتؤكد لنا أنك أنت يوسف؟ أمَّا بالنِّسبة للسائل فلا يمكِن التَّوكيد؛ لِأَنَّهُ سائل مُسْتَفْهِم، ولا جمع بين الإسْتِفهامِ الَّذِي هُوَ جَهْل وبين التَّوكيدِ الَّذِي هُوَ عِلم مُحَقَّق.
فعليه نقول: الإسْتِفهام هنا عَلَى تقدير: أتؤكِّد لنا أنَّ لنا لأجرًا إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ؟ الجَواب: قَالَ: نَعَمْ.
فهَؤُلَاءِ يُريدون الراكبَ قبلَ المَرْكَبَةِ، يَبْغُونَ الأجرَ، مثلما يقول بعض النَّاسِ إذا طُلب منه أن يكون إمامًا فِي مسجد: هل هناك شيْء؟ أو مؤذنًا، أو ما أشبه ذلك، فكذلك هَؤُلَاءِ؛ لِأَنَّ المقام مَقام انتصار حقّ عَلَى زَعْمِهِم، ومع ذلك قالوا: إنِ انتصرنا عَلَى الباطلِ - كما يَزْعُمُون - بالحقِّ أَئِنَّ لَنَا لَأَجْرًا؟ فقال لهم: نَعَمْ؛ يعني: لكم أجر.
و(نَعَمْ) حرف جَوابٍ، ويُقال: إن الجَواب سؤالٌ مُعادٌ، فالحرف نائبٌ عن السُّؤالِ، يعني: نعم لكم أجرٌ، ولهذا فِي هَذِهِ القاعدةِ، وَهُوَ أن حرف الجَواب إعادة لسؤال، لو قيل للرجل: أطلّقتَ امرأتك؟ فقال: نعم، وما قَالَ: هِيَ طالق، قَالَ: نعم، فهل تطلق؟
نقول: تطلق، لِأَنَّ حرف الجَوابِ إعادةٌ للسُّؤالِ، كذلك أيضًا لو قيل له: أقَبِلْتَ النِّكاح؟ فقال: نعم، انعقدَ النِّكاحُ. ولو قيل له: أعتقتَ عبدَكَ؟ فقال: نعم، عَتَقَ، أوقفتَ بيتَكَ؟ قَالَ: نعم. فلو أراد الكذِبَ فِي مثلِ هَذِهِ الأحوالِ، إنْ قلنا: أوقفتَ بيتَكَ؟ قَالَ: نعم، وَهُوَ يكذب، أطلقتَ امرأتك؟ قَالَ: نعم، وَهُوَ يكذب، فهل يقع الطلاقُ والوقفُ والعِتقُ، وما أشبهَ ذلك، أم لا يقع؟