ويمكن الجمع بالعكس وهو: أنه أول إتيان جبريل للنبي ﷺ كان بين الصفا والمروة على الكيفية المذكورة، ثم لما كانت تلك الكيفية مزعجة بعيدة عن المألوف، ولهذا وقع له ﷺ في آخر الحديث أنه هم يصعد إلى قلة جبل فيرمي نفسه، لما خشي أن يكون مجنوناً فأتاه جبريل الثانية في غار حراء بصورة معهودة لا تنكر، فتحقق أنه الحق واتضح له.
ويدل على هذا الجمع قوله في هذا الحديث: (ما أقرأ وما قرأت قط). وإن أمكن أن يحمل على المبالغة لكنه خلاف الظاهر.
وأما من قال: إن أول ما أنزل (المدثر)، فلما رواه الشيخان عن أبي سلمة بن عبدالرحمن قال: سألت جبريل بن عبدالله: أي القرآن أنزل أول؟ فقال: (يا أيها المدثر) فقلت: أنبئت أنه (اقرأ باسم ربك الذي خلق)، فقال: لا أخبرك إلا بما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إني جاورت بحراء، فلما قضيت جواري هبطت فاستنبطت الوادي، فنوديت، فنظرت أمامي وخلفي وعن يميني وعن شمالي، ثم نظرت إلى السماء فإذا هو جالس على عرش بين السماء والأرض - يعني جبريل - فأخذتني رجفة، فأتيت خديجة فقلت: دثروني دثروني، وصبوا علي ماءاً بارداً، فأنزل علي: (يا أيها المدثر. قم


الصفحة التالية
Icon