و " الطبقات " لابن سعد، و" الدلائل " للبيهقي هو ما تقدم. ذكر ذلك الشامي في سيرته، وذكر أنه تتبع التاريخ فلم يجد غير ما تقدم.
فكأن الحافظ حمل كلام الشعبي على ما سبق لما رأى تعارض الأحاديث.
وقد سبقه إلى هذا القول الحافظ ابن كثير، وسيأتي في مدة الفترة كلامه.
فإن قلت: وعلى ما ذكرت من الحمل فكيف تعمل بحديث مسلم، فإنه يفيد أن إسرافيل لم ينزل الأرض قط إلا ذلك الوقت؟
قلت: ليس فيما رواه الشعبي أن إسرافيل كان ينزل لما قرن بنبوة النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يبعد أنه كان يعلمه الكلمة والشيء بنوع من التلقي وهو في محله، فإن التلقي الروحاني والأخذ القلبي لا يلزم منه النزول والصعود، بل يكون مع كمال البعد وهو معروف عند أهله، فمن لا يعرف ذلك فليؤمن به، والله الموفق.
وقلوب المخلصين تسع الإيمان بأن من الممكنات أنه كان يدنو هذا الدنو وهو في مستقرة من السماء يقول: " يا محمد أنت رسول الله، وأنا جبريل، فجعلت لا أصرف بصري إلى ناحية إلا رأيته كذلك ".
وإنما يأتي الغلط هنا من قياس الغائب على الشاهد، فيعتقد أن الروح من جنس ما يعهد من الأجسام. انتهى.